كل يوم

حصة الصغيرة.. والدرس الكبير!!

سامي الريامي

قبل أن يكون قائداً عربياً مميز الشخصية، وواحداً من ولاة أمور الشعب الإماراتي، فهو ولي أمر أسرة صغيرة، وقبل أن يغرس فينا الأخلاق والقيم الحميدة، بفعله قبل قوله، زرع في أبنائه وبناته الأخلاق والتواضع والخُلق الحسن، وقبل أن يطلب من الشعب حب الوطن والتضحية من أجله، رأينا تلك المحبة للوطن في قلب أبنائه فعلاً، من خلال المشاركة الفعلية في ميادين الشرف والعزة، والالتحاق بميادين القتال الحقيقية قبل ميادين التدريب والتأهيل.

محمد بن زايد، شارك الأسبوع الماضي أولياء أمور فرحتهم واعتزازهم بتخريج الدورة الصيفية العسكرية الأولى لطالبات المدارس، بصفته ولي أمر أولاً، جاء ليفرح معهم بابنته حصة، وثانياً بصفته نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يبتهج لرؤية محبة الوطن وهي تتشرب في قلوب بنات صغيرات، اخترن أن يستثمرن الإجازة الصيفية بما ينفعهن وينمي قدراتهن.

«نريد من الأنشطة، سواء كانت عسكرية أم تعليمية أم ثقافية، أن ترتقي بقدرات الطلبة، وتعزز لديهم حب المعرفة والعلم والقيم الوطنية والأخلاق الحميدة»، هذا ما يهدف إليه، وما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولذلك كان هو في قائمة الحضور يُشجع ويرفع المعنويات، ويغرس بيده تلك القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة في قلوب الطلبة وذويهم، ومن خلفهم قلوب أبناء شعب الإمارات كافة.

الدورة الصيفية العسكرية الأولى لطالبات المدارس كرست معاني كثيرة، فلقد أسهمت في تعميق الوعي، وتنمية الولاء لدى المتدربات، وصقلت قدراتهن على تحمل المسؤولية، والاعتماد على النفس، والاعتزاز بالذات، وتعزيز روح الانتماء، وكذلك تحقيق روح التنافس والتعاون والعمل ضمن روح الفريق، والجميل في هذه الدورة أنها جاءت استجابة لرغبات أولياء أمور وبناتهم، وبإلحاح منهم.

حصة بنت محمد بن زايد، فتاة صغيرة، كانت تستطيع قضاء الإجازة الصيفية بأكملها في ربوع أوروبا أو أستراليا أو أي من مناطق العالم الباردة، كانت تستطيع أن تقضي إجازتها، كما تتمنى كل فتاة في عمرها، بين حدائق الألعاب الضخمة في أوروبا، أو في شوارع لندن التجارية الشهيرة، وكانت تستطيع أن تتسوّق، وتصوّر المناظر الطبيعية والشلالات، وتقضي أوقاتاً رائعة في أي جنة من جنات الأرض، لكنها لم تفعل أياً من ذلك، بل قررت مشاركة زميلاتها البنات في تلك الدورة العسكرية، ودخلت ميادين التدريب العسكري، لترتدي الزي العسكري الثقيل في شهر أغسطس، الذي يعرف حره جميع أهل الإمارات!

حصة لم تصوّر مواقع سياحية ولا طبيعية عالمية لتضعها على موقعها في «إنستغرام»، ولم تلتقط لقطات لشنط وساعات لماركات عالمية وتعرضها في «سناب شات»، أتدرون لماذا؟ لأن ذلك ليس جزءاً من شخصيتها الصغيرة التي شكلها والدها وقدوتها، فحصة بنت محمد بن زايد لا تمتلك أصلاً هاتفاً ذكياً، وليس لديها أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس لأنها لا تستطيع، وليس لأنها لا تريد مواكبة التقنية، بل لأن أولوياتها مختلفة، فهي تُفضل تحصيل العلم، والمعرفة المفيدة، ولذلك كانت من أوائل الفتيات في ميدان التدريب العسكري، لقد جاءت بمفردها للتسجيل في الدورة، حملت أدواتها في حقيبة على ظهرها الصغير، لم تساعدها مربية أو خادمة، بل اعتمدت على نفسها منذ اليوم الأول للدورة، فعلت ذلك حباً للوطن، واعتزازاً بالإمارات، وبرغبة صادقة في ردّ جميل هذا الوطن.

هكذا تعلمت، وهكذا سمعت وهكذا شاهدت محمد بن زايد.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر