أبواب

الأمم اللاحمة..

أحمد حسن الزعبي

لا أدري ما جدوى وجودنا كعرب تحت مظلة الأمم المتحدة، فأنا أفهم العضوية في جمعية ما أو نقابة أو هيئة تعني «التضامن» والحماية والتأييد والمحافظة على البقاء والسلامة.. نقابة الحلاقين مثلاً تصدر بيانات شديدة اللهجة وتنفذ اعتصامات وتتوقف عن العمل وتحصل على الحقوق في ما لو تعرض أحد أعضائها لظلم أو أذى.. ونحن منذ سبعين عاماً نستهلك الموت النيئ ونتجرّع عصارة الظلم المر، ونصدر التشرد واللجوء ولا نسمع إلا ولولة مزيفة خلف بابي الجمعية العامة ومجلس الأمن.

• «منذ سبعين عاماً ونحن نستهلك الموت النيئ ونتجرّع عصارة الظلم المر، ونصدر التشرد واللجوء، ولا نسمع إلا ولولة مزيفة خلف بابي الجمعية العامة ومجلس الأمن».

في فلسطين، هجّر مئات الآلاف من بيوتهم، خرجت الأمهات مفزوعات مسرعات وأطفالهن النيام على أكتافهن، آثرن أن يقطعن الماء وظلمة الليل حفاة إلا من الأمل.. ولم يصدر من مذياع الإعلام الرسمي سوى قليل من التنديد من الأمم المتحدة وكثير من التشويش بسبب سوء الإرسال.

في العراق، أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ وأكثر من مليون ونصف يتيم، ومثلهم من النساء الأرامل، كان الموت صحراوياً حاراً ومجانياً، كان الموت يزور أطفال العامرية في أسرّتهم، ويدفن الجنود في بساطيرهم وإجازاتهم في جيوبهم لم يأخذوها بعد، في العراق صار ينتج النخل رصاصاً ودجلة على اتساعه صار «وحدة دم» زمرة «عربي ناقص».. ومع ذلك خان مجلس الأمن أمن العرب، وزوّر الحقيقة، أبدى انزعاجه لاغتيال الوطن ثم عاد للخطابة المترجمة المتقطعة.

في سورية، نصف مليون شهيد، أكثر من ستة ملايين لاجئ في العالم، أكثر من نصف مليون معتقل، تتكاثر الخيم خلف أسلاك الحدود كما يتكاثر الفطر البري، ينمو عطشاً، يتوالد عطشاً، ثم يقطف للتصدير.. في البحار جثث مواليد هربوا من صراع البواريد.. رسوا في بحر الظلمات وعلى صدرهم «تي شيرت» مقدّم من الأمم المتحدة.. أمم تموت والأمناء عليها فقط يعبّرون عن قلقهم.

أراقب أداء الأمم المتحدة.. وأراقب أداء جمعية «كومبيشن أوفر كيلنغ» المسؤولة عن حقوق الحيوان التي أجبرت شركة أميركية تدعى «تايسون فودز» على فصل 10 عمال لديها لإساءتهم التعامل مع الدجاج في مزرعة تابعة للشركة.

هذا التناقض في الانتفاض لأجل الكرامة، «كرامة الحيوان» و«كرامة الإنسان».. يدعونا لأن نتفكر كثيراً إن كنّا أمماً لاحمة أكثر من أننا أمم متحدة.. وهل علينا أن نقوم بتركيب 300 مليون منقار وعرف وذيل حتى يتعاطف العالم معنا..

أم أن القوقأة أكثر فصاحة من خطابنا العربي المعاصر؟!

لا أدري.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر