5 دقائق

من أجل دراما هادفة

عبدالله القمزي

بعيداً عن المعادلة المستهلكة والموضوعات المزهقة المكررة التي تتناولها الدراما الخليجية (زوجة ثانية.. شركة لا نعلم لها اسماً ولا نوعاً.. رجل مشلول تعذبه زوجته أو تخاطبه في مشهد عديم القيمة.. زوجة أب تزوّر أوراقاً وتبيع المنزل وتطرد أبناء زوجها فيُغمى على أحدهم.. مونولوغ بطول مقدّمة المسلسل بإمكانك العبث بهاتفك الذكي خلاله.. زعيق.. بكاء.. حزن.. نكد.. إلى آخره)، وبعيداً عن التهريج والسطحية عديمة القيمة والفائدة، خرج إلينا هذا العام عمل هادف جداً مثل «خيانة وطن»، فلماذا لا يتوقف صنّاع الدراما الخليجية أمامه والتأمل فيه. العمل كسر المعادلة وحمل رسالة توعوية مهمة تحذر النشء من الانجراف خلف الجماعات المضللة التي تدّعي الإسلام وتخالف أحد أهم مبادئه، وهو طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه، وهو مبدأ داعم للاستقرار السياسي والاجتماعي في كل المجتمعات.

هناك الكثير من الموضوعات الهادفة التي لا تناقشها المسلسلات الخليجية، مثل تهور البعض في قيادة السيارات، غياب ثقافة الإنفاق والغرق في الديون، معالجة مشكلة خيانة الأمانة التي نقرأ عنها في صفحات الحوادث، والكثير من الموضوعات الأخرى التي لو فكر صنّاع الدراما الخليجية في معالجتها بصدق لخدموا المجتمع.

لماذا لا ننظر إلى الأعمال الفنية الهادفة التي تحاول إصلاح الخلل في المجتمعات الغربية، فمثلاً لماذا لا يتم عمل دراما قانونية تهدف إلى نشر ثقافة ووعي الجمهور بالقوانين. الولايات المتحدة وأوروبا من الدول المتفوقة في مجال سنّ القوانين أو مناقشتها أو تعديلها وتغييرها. وهذا التفوق جاء، ولو جزئياً، نتيجة قيام الكتّاب والأدباء والمثقفين بطرحها ومناقشتها وكشف ثغراتها من خلال مؤلفاتهم وأعمالهم الخيالية والإبداعية. هذه العملية كان لها أثر كبير في تثقيف وتوعية تلك الشعوب بأهمية عملية تطوير القوانين. ونتيجة لذلك تقدمت مجموعات من أفراد تلك المجتمعات بطرح قضاياها على منتجي تلك الأعمال لكشف ثغرات القوانين، وبالتالي تعديلها.

نحن العرب بحاجة إلى هذه العملية، وأدعو هنا منتجي الأعمال التلفزيونية والسينمائية في عالمنا العربي الشاسع والمليء بالإمكانات الهائلة أن يبادروا بصنع عمل ولو مقتبس من الأعمال الأجنبية لمناقشة القوانين المعمول بها في العالم العربي، يكون هدفه كشف ثغراتها ومحاولة إصلاحها، ولا مانع من دخول مستشارين قانونيين على خط الإنتاج أو الاستعانة بمكتب النائب العام للتعرف إلى أكثر القضايا صعوبة وتعقيداً.

القليل جداً من الأعمال العربية ناقشت الثغرات في القوانين، ومشكلة تلك الأعمال أنها تعاطت مع الموضوع بسطحية لتركز على عامل الحركة والإثارة. حان الوقت لترك الأعمال السطحية والموضوعات المكررة، والتوجه لصنع دراما هادفة تفيدنا كمجتمعات عربية، وتسهم في زيادة وعينا في القانون، وهو ديدن الدول الراقية.

مسك الختام: لم أشاهد أيّ مسلسل خليجي منذ التسعينات، وما أشاهده هو أنصاف حلقات فقط قبل أن أُصاب بالملل، ولا أذكر ما هو آخر مسلسل انتظمت لمشاهدته كاملاً، وبالرغم من انقطاعي إلا أنني طورت مهارة خارقة، وهي قدرتي على تخمين الحوارات بنسبة 80%، وتوقّع الأحداث قبل وقوعها بأربع حلقات على الأقل، والشيء الوحيد الذي لم أخطئ قط في تخمينه هو سقوط شخصية ما مغمى عليها أو ما أسمّيه: الإغماءة الكلاسيكية، فعندما أقول إنها ستحدث أصيب دائماً!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر