لحظة

ماذا حصل في عجمان؟

ياسر حارب

في سياق حديثه عن مسيرته الفنيّة، ذكر المخرج إسماعيل عبدالحافظ أنه عندما مُنِع من العمل في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات في مصر، قرر مع رفيق عمره، أسامة أنور عكاشة، استكمال تصوير الجزء الثاني من مسلسل «الشهد والدموع»، الذي أثار ضجة كبيرة في العالم العربي حينها، في استوديوهات عجمان الخاصة. كانت تلك بداية انطلاق استوديوهات عجمان التي تتالى إنتاج المسلسلات العربية فيها، كالمسلسل السعودي الشهير «لا يحوشك حبروك»، الذي صُوِّرَ في عام 1985، والمسلسل التاريخي «شجرة الدر»، الذي يعتبر تدشيناً لعهد طويل من الأعمال الدرامية التاريخية. كانت عجمان آنذاك مدينة صغيرة، لم يعرفها العالم العربي إلا مِن خلال ظهور اسم استوديوهاتها في مقدمة أو نهاية حلقات المسلسلات.

إلا أن عجمان اليوم لم تعد صغيرة كما كانت، ورغم هدوء حكومتها الإعلامي، إلا أن ما حصل في السنوات العشر الماضية كان مفاجئاً، فالمناطق التي كان السكان يرونها بعيدة عن المدينة، صارت اليوم في وسطها، واتّسعت الشوارع، وارتفعت الجسور، وبرزت ملامح البنية التحتية الجديدة، في داخل المدينة وفي القرى والمدن التابعة لها على حد سواء.

توجد في عجمان اليوم خطة استراتيجية حتى عام 2021، تطمح إلى بناء مجتمع سعيد يسهم في بناء اقتصاد أخضر، تحفزه حكومة متميزة منسجمة مع روح الاتحاد. وفي ثنايا الخطة تتكرر عبارات مثل «التميز المؤسسي»، و«التخطيط الاستراتيجي»، و«تطوير الأداء»، و«القدرات البشرية»، وغيرها من مسارات التنمية الحديثة.

ولتفعيل هذه الخطة، أطلقت عجمان برنامجاً للتميز، وجائزة للموظف الحكومي المتميز، وهو برنامج متكامل لتطوير الأداء المؤسسي للقطاع الحكومي. أجمل ما في هذا البرنامج هو شرح الحكومة للمبادئ الأساسية للتميز، وتحديدها معايير واضحة لكل مبدأ، حتى يحصل كل موظف على فرصة عادلة للمنافسة والفوز. وأطلقت الحكومة أيضاً برنامج عجمان لإعداد القادة، وهو برنامج يختار القائمون عليه مجموعة من موظفي الفئات القيادية والإشرافية، ثم يتم تدريبهم عاماً كاملاً في برنامج يحوي تسعة محاور حيوية، كالتخطيط الاستراتيجي، والقيادة الحديثة، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات.

وقد يسأل سائل: لماذا تتحدث عن عجمان وكأنك تروّج للمدينة؟ والجواب هو أنني فعلاً أروّج، ولكن ليس للمدينة، بل للنموذج الحكومي فيها، مثلما تحدثتُ سابقاً عن دبي وأبوظبي وهونغ كونغ والنرويج والعديد من المدن والدول. ورغم أن عجمان تواجه تحديات في المساحة والموارد الطبيعية، إلا أن حكومتها آمنت بأن الإنسان هو المَوْرِد الحيوي الأول، فاستثمرت فيه، ومنحته الفرصة لينهض بنفسه ومدينته. ولهذا فإن المدينة ماضية في التحول إلى إحدى المدن المهمة في المنطقة، من خلال تقديم نموذج حضاري، صنعه صاحب السمو الوالد الشيخ حميد بن راشد النعيمي - حفظه الله - وأنجاله الكرام الجادّون في دفع عجلة التنمية إلى حدها الأقصى، يعاونهم في ذلك شباب وفتيات ينتمون إلى المستقبل، اتحدوا كلهم على رؤية واضحة المبادئ، تحكمها خطة استراتيجية، وإطار زمني، ومؤشرات أداء تُقاس كل عام، وتحفّزها من الأمام برامج للتميز، وأخرى للقيادة. كل هذا الجهد حَرِيٌّ بأن نقف عنده، ونرفع له تحية إكبار وإجلال، آملين أن تحذو كثير من مدن المنطقة حَذْوَ هذا النموذج الحكومي الجميل.

yasser.hareb@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر