كل يوم

لابد أن نقتنع بتقليل السيارات..

سامي الريامي

الازدحامات المرورية ليست مشكلة محلية مؤرقة لنا وحدنا في مدينة دبي، هي مشكلة عالمية، تعاني منها معظم مدن العالم الكبرى، ودبي بطبيعة الحال أصبحت مدينة كبرى، لذا فإنها كغيرها تعاني من ضغط واضح على البنية التحتية، وازدحامات مرورية في أوقات معينة وشوارع معينة، كما تعاني من زيادة غير معقولة في عدد السيارات، وبما أنها مشكلة عالمية فالحلول التي يجب اللجوء لها لابد أن تكون أيضاً عالمية ومدروسة وغير تقليدية..

• مشكلة الازدحامات والاختناقات المرورية لم تُحل، ما يعني ضرورة الانتقال إلى الحلول غير التقليدية التي تعتمد أساساً على دراسة المشكلة الرئيسة وعلاج جذورها.

من هنا تكمن الفائدة الحقيقية في تنظيم مؤتمر ومعرض النقل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي يعد واحداً من أكبر التجمعات في عالم وسائل المواصلات العامة، حيث يجمع مسؤولي النقل وصانعي السياسات والمشرّعين والمطورين والاستشاريين والمشغلين والمصنعين تحت سقف واحد، جميعهم يناقشون الحلول المستقبلية لوسائل المواصلات العامة، ويبحثون التحديات الكبرى التي تنتظرهم مستقبلاً، وذلك نظراً إلى النمو الكبير الذي تشهده مدن المنطقة، والزيادة المطردة في عدد السكان، والحاجة الماسة إلى توفير بنية متكاملة من منظومة النقل الجماعي لتسهيل تنقل السكان في المدن..

في دبي، هناك جهود واضحة في مجال تطوير البنية التحتية، وأصبحت طرق وشوارع المدينة هي الأفضل عالمياً، بشهادة خبراء عالميين مختصين في الطرق، ومع ذلك فإن مشكلة الازدحامات والاختناقات المرورية لم تُحل، ما يعني ضرورة الانتقال من الحلول التقليدية المتمثلة في توسيع الطرق، وإنشاء التقاطعات والجسور، وفتح عنق زجاجة، ليتكون بعده عنق زجاجة أخرى، والتركيز على الحلول غير التقليدية التي تعتمد أساساً على دراسة المشكلة الرئيسة وعلاج جذورها بدلاً من علاج مسبباتها..

والمشكلة الرئيسة التي نعاني منها هي زيادة عدد السيارات بطريقة كبيرة جداً، جعلتنا نسبق مدناً ضخمة جداً في نسبة امتلاك السيارات مقارنة بعدد السكان، ولاشك أبداً في أن هيئة الطرق والمواصلات في دبي تدرك تماماً هذه الحقيقة، وهي تتوجه بشكل مُخطط له نحو تشجيع عمليات النقل الجماعي، وحققت إثر ذلك نتائج جيدة، حيث ارتفعت نسبة مستخدمي النقل الجماعي من 6% عام 2006، إلى 15% عام 2015، والنسبة مرشحة للوصول إلى 30% عام 2030..

والتحدي الحقيقي الذي يواجه الهيئة، وبإمكانها تحويله إلى إنجاز حقيقي، هو رفع هذه النسبة قدر الإمكان، من خلال خطين متوازيين، لا ينبغي فصل أحدهما عن الآخر، الخط الأول تطوير وسائل النقل الجماعي وتحفيز الناس على استخدامها، وهذا ما نجحت فيه الهيئة بشكل جيد، والخط الثاني هو إقرار التشريعات اللازمة لذلك، من خلال خطة تشريعية واضحة لخفض أعداد السيارات، أو على الأقل تقليل نسبة زيادتها للحد الأدنى، وهو ما لم تتمكن الهيئة من فعله إلى الآن..

لم تفعل الهيئة ذلك، ليس لأنها لا تريد، بل لوجود أسباب أخرى، وتعقيدات أخرى، وتشابكات مع جهات مختلفة، فالوضع هنا مختلف، لكن لابد أن يأتي اليوم الذي يقتنع فيه الجميع بأن المصلحة العامة تقتضي توحيد التشريعات، وتقليل أعداد السيارات، وإصدار قوانين تحدّ من انتشارها، ليس حباً في تقييد الناس، لكن حباً في تسهيل حياتهم، وتقليل معاناتهم، وحباً في البيئة وسلامة الأجيال المقبلة، وضمان مستقبل أفضل للجميع..

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 
 

تويتر