5 دقائق

دعائم الاقتصاد في الإسلام

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

للاقتصاد دعائمُ لا يقوم إلا بها، وهي التجارة والزراعة والصناعة واستخراج المعادن، وقد أولاها الإسلام عنايته الفائقة؛ لأنها تمكِّن البشر من العيش السوي، والقيام بواجب الاستخلاف في الأرض، وتعتبر التجارة عمودَ الاقتصاد الأول؛ لأنها تنهض بالأمم وتحقق الاستغناء عن الناس، ولذلك حث الشارع عليها أكثر من غيرها، وجعل الكسب بها من أطيب المكاسب إذا كانت عن تراضٍ وبعد عما حرم الله تعالى من الربا والبيوع الفاسدة، فقد سُئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أي الكسب أطيب أو أفضل؟ قال: «عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور» وروي عنه، صلى الله عليه وسلم، قوله: «تسعة أعشار الرزق في التجارة»، قال الراوي: وكسب العشر الباقي في السائمة، يعني الغنم، وقال صلى الله عليه وسلم: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين، والصديقين، والشهداء»،

إمارة دبي جعلت التجارة الهدف الأول لاقتصاد البلاد، فبارك الله لها في ذلك فأصبحت المدينة التجارية الأولى في المنطقة.

وما انتفع الإسلام والمسلمون في سائر عصورهم كما انتفعوا بالتجارة، فمياسير الصحابة الذين نهضوا بالإسلام ونفعوا المسلمين كأبي بكرالصديق - قبل هجرته - وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنهم، كان نفعهم للمسلمين بالتجارة عظيماً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أتاه سائل حثه على التجارة ولو بالاحتطاب، ويقول له: «اذهب فاحتطب وبِعْ، ولا أرِيَنَّك خمسة عشر يوماً»، فيذهب الرجل يحتطب ويبيع، ثم يجيء وقد أصاب عشرة دراهم، فيقول له: «اشتر ببعضها ثوباً، وببعضها طعاماً»، ثم يقول صلى الله عليه وسلم: «هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة».

هكذا كان الإسلام يريد من الناس أن يكِدُّوا في الاتجار، ولو بما تيسر، ففيها بركة، «ولقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم، عروة البارقي رضي الله تعالى عنه، ديناراً ليشتري به أضحية، فاشترى شاتين، فباع إحداهما بدينار، فأتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه».

وهذا ما وُفِّقت له إمارة دبي، فقد جعلت التجارة الهدف الأول لاقتصاد البلاد، فبارك الله لها في ذلك فأصبحت المدينة التجارية الأولى في المنطقة، وبلغت قيمة تجارتها خلال العام 2015 نحو 1.283 تريليون درهم بواقع 796 مليار درهم للواردات و132 مليار درهم للصادرات و355 مليار درهم لإعادة التصدير. كما صرح بذلك سمو الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي - حفظه الله - ولم يعد اعتمادها على النفط يوازي غير 4% من ميزانية الإمارة.

ومع نجاحها الباهر في التجارة فإنها لم تهمل الدعائم الاقتصادية الأخرى من زراعة وصناعة واستخراج خيرات الأرض، بل أولتها اهتمامها وضربت من كل ذلك بسهم طيب مبارك.

وهكذا يريد الإسلام من أهله أن يكونوا أقوياء أسوياء؛ لما في ذلك من نفعٍ للإنسان واستعمار للأرض على مراد الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي، خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير؛ احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان».

بارك الله للإمارات عامة ودبي خاصة توجهها النافع الدائم، وبارك في قادتها الرواد المصلحين.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


تويتر