كل يوم

إرباك الأمطار

سامي الريامي

كثير من المقاولين قضوا ساعات صعبة، أمس، مليئة بالقلق، فما كشفته الأمطار من عيوب أمس لم يستطع أي مفتش أو مهندس رقابة، في أيٍّ من البلديات، اكتشافها قبل انتهاء العمل، وصدور شهادات الإنجاز، وفي مقابل ذلك يجب أن يقلق أيضاً مسؤولون كثر، فلو كانت هناك رقابة صارمة، ومتابعة مستمرة، وتحققٌ من الالتزام بالمواصفات والمعايير، لما تطايرت نوافذ، وتهدمت أسوار، وتضررت شوارع، وانهارت أسقف!

• في مثل هذه الظروف، لا تُترك الأمور اختيارية، فلابدّ من محددات، ولابد من توحيد في الإجراءات، ولابد من جهة تُقرر.

لسنا دولة أمطار، والمواصفات الإنشائية توضع حسب الظروف المناخية لكل دولة، هذا صحيح، لكن هذا لا يعني أن يحدث كل هذا الضرر، لمجرد ارتفاع منسوب هطول الأمطار ليوم واحد في كل بضع سنين تقريباً، ولا يعني أبداً أن نشاهد مباني هشة، وأساسات ضعيفة، وأسقفاً لا تتحمل قليلاً من المطر، هذا مؤشر إلى وجود خلل في مواصفات وتراخيص المباني، وهذا أمر واضح وجلي.

أمطار الأمس أحدثت إرباكاً واضحاً في أماكن مختلفة، لا نختلف أبداً على أنها غير اعتيادية، ولم تشهدها الدولة منذ فترة غير قصيرة، لكنها أيضاً ليست خارجة عن سياق الأمطار الموسمية التي تشهدها الدولة بشكل نادر ومتقطع، والأهم من ذلك أنها غير مفاجئة، بمعنى أن التطور الهائل الذي يشهده مركز الأرصاد والزلازل في أبوظبي، والذي يضم أحدث وأدق أجهزة الرصد والاستمطار، يستطيع أن يرصد ويتابع حالة وتقلبات الجو بشكل دقيق، قبل مدة كافية من حدوث الانخفاضات الجوية، ما يجعلنا نتساءل: لماذا لم نحسم أمورنا قبل هطول الأمطار؟!

لن نستطيع فعل كل شيء، بالتأكيد لن نختلف على ذلك، لكن كان بالإمكان توحيد قرار منع الطلبة من الذهاب إلى المدارس، ولأسباب احتياطية، كما فعل البعض، بدلاً من التخبط في اتخاذ قرار كهذا، ثم إلقاء مسؤولية صعبة على كاهل أولياء الأمور، بأن نطلب منهم الحضور فوراً لأخذ أبنائهم من المدرسة، فترتبك الدنيا، وتزدحم الشوارع، وتتأثر الأعمال، وتقلق الأمهات!

بعد عناء، تصدر الوزارة قراراً بإلغاء الدراسة لليوم التالي، نظراً لاحتمالية استمرار سوء الأحوال الجوية، وهذا أمر جيد وإجراء سليم، وتتأخر الجامعات في إصدار تعليمات مشابهة، فالبعض يعلن تعليق الدراسة، والبعض الآخر يلتزم الصمت، وينتقل الارتباك إلى الطلبة وأولياء الأمور، ويلجأون إلى وزارة التعليم العالي فكان الجواب: الأمر متروك للجامعات، وهي التي تقرر ذلك!

في مثل هذه الظروف، لا تُترك الأمور اختيارية، فلابد من محددات، ولابد من توحيد في الإجراءات، ولابد من جهة تُقرر، ولابد من الاحتكام إلى قرارات الهيئة الوطنية للأزمات والكوارث، فهي الجهة الأجدر هُنا باتخاذ قرارات غير اعتيادية في الظروف غير الاعتيادية.

لا يترك الأمر وفقاً لتقديرات المدارس والجامعات، ولا يُترك الأمر حتى يستفحل، وتتطور الأزمة، بل يجب أن تكون هناك قرارات سريعة ومدروسة، ومبنية على تقارير علمية من مركز الأرصاد المتطور جداً كما ذكرت، فإمكاناته تسمح له بتزويد الهيئة بتقارير مسبقة ودقيقة، وحتى لو لم تكن دقيقة فسلامة الطلاب أولى من كل شيء، وتعليق الدراسة يوماً أفضل بكثير من إرباك الناس في ساعات الصباح، وبعد وصولهم إلى أماكن أعمالهم!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .   

تويتر