أبواب

اللحظة المفقودة..

أحمد حسن الزعبي

في العالم الثالث قد ترى الدموع في عيون الحضور، وتلويحات الأيادي والتصفيق في نهاية حفلة لمطرب مشهور، لكنك لن ترى مثل هذه الدموع ولا كفوف الوداع تلوّح لمسؤول كبير يهمّ بمغادرة منصبه.

**

الرئيسة الأرجنتينية كريستينا فرناندز، كسرت هذه القاعدة، فعندما ألقت كلمتها في يومها الأخير في السلطة مخاطبة شعبها وجهاً لوجه في قصر الحكومة في بوينس آيرس، وهي تهم بمغادرة الحكم الى غير رجعة، ودّعها عشرات الآلاف بالدموع والبكاء والورود والتصفيق والرجاء، في ظاهرة «كون - سياسية» غريبة.. تماثل في ندرتها ظهور «تيس حلوب»، أو «ديك بيّاض»، أو «دجاجة حكواتية» في بلادنا العربية.

• عندما ألقت «كريستينا» كلمتها في يومها الأخير في السلطة مخاطبة شعبها وجهاً لوجه في قصر الحكومة في بوينس آيرس، وهي تهم بمغادرة الحكم إلى غير رجعة، ودّعها عشرات الآلاف بالدموع والبكاء والورود والتصفيق والرجاء، في ظاهرة «كون - سياسية» غريبة.

ترى كيف أدمنت الأرجنتين الديمقراطية فجأة، وجعلت عشرات الآلاف يذرفون الدموع الصادقة دون تدخل قنابل الغاز «المسيل للدموع»، ودون الحصول على قطرات مدمعة مصروفة من أجهزة المخابرات الأرجنتينية، ودون الزحف نحو كوبونات الوجبات المجانية في محاولة للتشجيع للنزول للشارع وممارسة الهلع المزيّف والحزن المدفوع مسبقاً.. ترى ما الذي يجعل شعباً يشبه الشعوب العربية بفقره ومديونياته وترهله الإداري يبكي «رئيسته» بكل هذه الحرارة والعفوية والمحبة الصادقة؟

في عهد «كريستينا فرناندز» نجحت الأرجنتين في سداد معظم ديونها الخارجية، وفي عهد فخامة «كريستينا» أصلحت نظام المعاشات والتقاعد، وقامت بتأميم شركة الطيران الوطنية وشركة البترول، واستعادت شركات كبرى كانت قد خصخصت في حكومات سابقة، في عهد «كريستينا»، خفضت فاتورة الطاقة وزادت من العدالة الاجتماعية، وتمكنت من هيكلة الديون دون الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي، في عهد «كريستينا» أنهت تبعيتها لأميركا والتفتت إلى البرازيل وفنزويلا وبوليفيا.. كما أصلحت الإعلام وانفتحت عليه وركزت على المنتج المحلي.. وعتقت رقاب أكثر من مليوني أرجنتيني كانوا يرزحون تحت خط الفقر.

الأرجنتين لا تشتهر بمارادونا وميسي و«السمك مقطوع الرأس» وحسب.. في الأرجنتين أيضاً هناك رئيسة ترفع الرأس.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر