كل يوم

الخدمات مقارنة بالقيمة المالية الإجمالية..

سامي الريامي

توضيح جيد، وصلني من أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في دبي، حول مقال الرسوم، يقول: «بداية لا يمكن لأي دائرة فرض رسم، إلا بعد موافقة إدارة المالية في الحكومة، إضافة إلى موافقة الشؤون القانونية، وتتم عليها دراسات مستفيضة قبل التطبيق»، لكنه يضيف مستغرباً: «الحقيقة الأخرى هي أن بعض الدوائر المحلية، للأسف، تفرض رسوماً دون وجود مستند قانوني!».

هذا بالضبط ما ذهبت إليه في مقالات عدة عن الرسوم، فالواقع يثبت أن هناك عشوائية، وازدواجية، وأحياناً كثيرة غياب المنطق في فرض الرسوم، والمشكلة الرئيسة أن كل جهة أو دائرة لا تنظر إلى الصورة العامة، ولا إلى التأثيرات السلبية المتوقعة، بقدر ما تنظر إلى زاوية صغيرة جداً، محصورة في زيادة دخل الدائرة، للتباهي وتحقيق الإنجاز، ظناً منها أن زيادة الدخل هي إنجاز كبير في حد ذاتها، بغض النظر عن كيفية الزيادة ونوعيتها ومنطقيتها!

• الإنجاز ليس في رفع رسم خدمةٍ ما فجأة ودون مبرر، ودون تقديم أي جديد للعميل، بل الإنجاز في ابتكار أساليب سهلة ومتطورة للتسهيل على العملاء.

ما قاله المسؤول التنفيذي جدير بالاهتمام والمتابعة، فوجود دوائر تفرض رسوماً دون مستند قانوني لا يستدعي الأسف فقط، بل هو مخالفة قانونية تستدعي التدخل، خصوصاً أننا نتحدث عن دوائر وجهات حكومية هي غالباً تُمثل القانون، وتالياً لا يحق لها بأي شكل أن تكون مخالفة للقانون، ثانياً وهو الأهم أن عدم وجود جهة مختصة بالرسوم أسهم في جرأة هذه الدوائر على مخالفة القانون، وأسهم في استسهالها لوضع المبلغ الذي تراه مناسباً، لزيادة رسم خدمة، أو لابتداع رسم جديد في أي وقت تريد، دون دراسة تأثيرات وسلبيات ذلك!

الإنجاز ليس في رفع رسم خدمةٍ ما فجأة ودون مبرر، ودون تقديم أي جديد للعميل، بل الإنجاز في ابتكار أساليب سهلة ومتطورة للتسهيل على العملاء، وتخييرهم بعدها، والإنجاز في القدرة على خفض كلفة الخدمة على الدائرة، وبشكل مقبول للعميل، مع الاحتفاظ بالجودة والتميز.

التنافس الحالي بين الدوائر جميل، وهو أساس تطور الخدمات في دبي، لكن العميل هو الهدف الذي يسعى الجميع إلى إرضائه، بالتأكيد لا نطالب هُنا بخدمات مجانية، لكننا نطالب بالتنسيق والتكامل بين الدوائر في فرض الرسوم وزيادتها، فلا يعقل أن يُترك موضوع كهذا رهن مزاجية كل دائرة، وكل مدير، وكل رئيس قسم، ولا يعقل ألا توجد جهة مركزية ترى الصورة الكاملة، وتنظر إلى مصلحة الجميع: الدوائر والعملاء على حد سواء.

العميل يحتاج أيضاً إلى مَنْ يراقب تحركات معاملته المتداخلة مع دوائر مختلفة، وإن كان لكل دائرة الحق في تقاضي مقابل مالي نظير خدماتها، فليس من المنطقي غياب التقييم الكامل لخط سير المعاملة، مقارنة بإجمالي السعر المدفوع لكل دائرة، لذا عندما تفرض جهة زيادة أو رسماً بشكل منفرد، فإنها دون شك تتسبب في تغيير المعادلة الشاملة، لتميل المحصلة النهائية إلى صالح ارتفاع سعر الخدمات مقابل المعاملات، بمعنى أسهل الخدمة المقدمة أقل بكثير من قيمتها المالية الحقيقية!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر