كل يوم

جهة لتقييم وإقرار الرسوم..

سامي الريامي

لابد من الرسوم، فالخدمات المقدمة هُنَا في الإمارات لا نظير لها في كثير من دول العالم، ولا توجد خدمات متطورة ومجانية، فالرسوم هي في الواقع دخلٌ للتطوير المستمر، ووسيلة لضمان خدمات راقية وفعالة وميسّرة وسهلة، نتفق جميعاً على هذا المبدأ، ومن يُرد خدمة بلا رسوم في بلد يُعطي تسهيلات ضخمة دون ضرائب، فهو في الواقع غير منصف ولا عقلاني.

• من المنطقي جداً أن تكون هناك جهة مركزية واحدة، لا تتبع لأي دائرة، بل تكون هي أعلى من جميع الدوائر، تتولى مسؤولية الرسوم، وتُنهي العشوائية الحالية الموجودة في فرضها وزيادتها.

لكن هذا لا يعني التوسع في فرض الرسوم بشكل غير مدروس، وأحياناً غير مبرّر ولا مقبول، ولا يعني أن تصبح زيادة الدخل هي الهمّ الأكبر لكل دائرة وجهة حكومية، خدمية كانت أم غير خدمية، ولا يعني طغيان الجانب المالي على الخدمي، خصوصاً في الجهات الخدمية التي لا يُفترض فيها التحول إلى جهات ربحية تعتمد سياسة زيادة الدخل على حساب خدمة المجتمع. نعم الرسوم مقبولة في إطار تقديم خدمة أفضل، وفي إطار التميز، والاستمرار في التطوير، لا في إطار تحقيق ربح وزيادة دخل!

حالياً تستطيع كل دائرة، وكل مدير، بل ربما كل رئيس قسم، أن يقرر فجأة وضع رسم نظير أي شيء، أو يزيد رسوماً موجودة دون مقدمات، وتصبح هذه الرسوم أمراً واقعاً يتعامل معه جميع المراجعين والمتعاملين، دون أن يعرف أحد سبب الزيادة أو تكلفة الخدمة مقارنة بالسعر، هو قرار فردي تتخذه الدائرة أو المدير، يترتب عليه تكلفة مالية إضافية على العملاء دون قناعة منهم في أغلب الأحيان.. وهذا دون شك أمرٌ غريب.

بالتأكيد لابد من مراجعة الرسوم بين فترة وأخرى، ولابد من تقييم الخدمات مقارنة بالرسوم، ولابد قبل ذلك من دراسة الدورة الاقتصادية الشاملة، وحالة التضخم، والوضع العام، قبل اتخاذ خطوة مثل هذه، لذلك فالدوائر والجهات الحكومية ليست مؤهلة لكل ذلك، فكل منها ينحصر نظرته في دائرته، وكل منهم يعتقد أن 100 أو 200 درهم إضافية لن تؤثر في ميزانيات المتعاملين، ربما يكون ذلك صحيحاً، وقد يكون المبلغ زهيداً وفقاً لوجهة نظر الدائرة، لكنه بالتأكيد لن يكون كذلك لو سلكت خمس أو عشر دوائر وأكثر، السلوك نفسه!

لذا من المنطقي جداً أن تكون هناك جهة مركزية واحدة، لا تتبع لأي دائرة، بل تكون هي أعلى من جميع الدوائر، تتولى مسؤولية الرسوم، وتُنهي العشوائية الحالية الموجودة في فرضها وزيادتها، هذه الجهة تتلقى الطلبات من الدوائر المحلية، وتُجري دراسة محايدة ومستفيضة لكل طلب، مع الأخذ في الاعتبار الصورة الشاملة العامة التي تشمل الجميع بمن فيهم العملاء والمراجعون، والشركات والمؤسسات الخاصة.

بعد إجراء الدراسة اللازمة، وتقييم الخدمة مقارنة بالسعر، ودراسة كل الجوانب المالية وغير المالية، من حق هذه الجهة أن تُقر الزيادة، أو ترفضها، أو تُعدل قيمتها، أو تطلب تأجيلها، هُنَا ستُصبح هذه الصلاحية متوافرة فقط عند هذه الجهة، وبما أنها محايدة، لا ترتبط بالجهات، فإن المصلحة العامة والدراسات ستكونان أهم معيارين لقبول فرض رسوم جديدة أو رفضها، وستقضيان تماماً على ازدواجية الرسوم ومزاجية اتخاذ هذا القرار أحياناً دون دراسة أو معايير واضحة من بعض المسؤولين التنفيذيين!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر