كل يوم

من لا يساهم فليتعلم من سارة!!

سامي الريامي

مجلس الإدارة الجديد لمركز دبي للتوحد، في اجتماعه الأول، الذي عقد برئاسة سيف بن مرخان الكتبي، مدير مكتب ولي عهد دبي، نائب الرئيس، قرر إلغاء صناديق التبرعات التقليدية التي يوزعها المركز في الأماكن العامة وأمام المحال التجارية، كما تفعل الجمعيات الخيرية التقليدية، وذلك لعدم مواكبة هذه الطريقة القديمة في جمع التبرعات، مع التطور الكبير الذي يجتاح الدولة في مختلف المجالات..

وعوضاً عن ذلك، أقر المجلس مبدأ إعداد خطط مالية، وخطوات أكثر حضارية لجمع التبرعات اللازمة لتسيير العمل في المركز الجديد، وبما أنه أحد أحدث المراكز المتخصصة في هذا المرض، وأكبرها، في منطقة الشرق الأوسط، لذا فإن الخطط المالية الخاصة بجمع التبرعات يجب أن تواكب ذلك أيضاً، وتكون أكثر تطوراً وحداثة من تلك الفكرة القديمة غير المجدية.

• المساهمة في خطوات تطويرية أو علاجية أو تعليمية للأطفال المصابين بالتوحد، مسؤولية اجتماعية في المقام الأول، وواجب إنساني وأخلاقي وديني أيضاً.

المساهمة في خطوات تطويرية أو علاجية أو تعليمية للأطفال المصابين بالتوحد، مسؤولية اجتماعية في المقام الأول، وواجب إنساني وأخلاقي وديني أيضاً، فالمصابون بهذا المرض لم يختاروا هذا الطريق، وأولياء أمورهم يعانون بشكل كبير، وكل فرد في المجتمع معرض لاحتياجه إلى خدمات المركز، فالطب الحديث عجز عن تحليل أو معرفة أسباب التوحد، وتالياً فإن الخدمات الضخمة المقدمة من المركز، والزيادة في أعداد الأطفال المصابين، لا يمكن تغطيتهما من تجميع خمسة أو عشرة أو مائة درهم في صندوق صغير، يوضع بجانب المحاسب في أي سوبر ماركت أو بقالة، الموضوع أكبر بكثير من هذه النظرة!

مساهمة القطاع الخاص، وكبار التجار والمستثمرين، ورجال الأعمال المواطنين وغير المواطنين، والشركات الكبرى، ضرورية ومهمة، وهي وحدها التي تستطيع تحقيق النقلة النوعية في مفهوم دعم العمل الخيري، فالحكومة والقيادة ورئيس مجلس الإدارة، أدوا دورهم المطلوب منهم على أكمل وجه، فساهموا بتوفير الأرض والمال والدعم، ومازالوا يساهمون، إلا أن مساهمة القطاع الخاص جزء من مسؤوليتهم تجاه المجتمع، وجزء من رد جميل الدولة التي تقدم لهم التسهيلات غير المسبوقة، من أجل ضمان تنفيذ أعمالهم براحة وطمأنينة ويسر، ما يجعل أرباحهم مضاعفة، وأقل ما يمكن أن يقدموه نظير ذلك، هو خدمة الفئات المحتاجة إلى الدعم بشكل دوري.

هؤلاء وغيرهم، بحاجة إلى أفكار جديدة تشجعهم على التبرع، أفكار غير تقليدية، وهذا ما يسعى إليه أعضاء مركز دبي للتوحد، من خلال ابتكار مجموعة طرق تحمّس رجال الأعمال والشركات على التبرع، لكن يبقى الأمر رهين قناعة الناس وتعاطفهم مع قضية التوحد، وبالتأكيد ليسوا جميعهم على قناعة بأهمية التبرع، وأهمية المبادرات الصغيرة الهادفة لجمع أموال لدعم المركز، وهذا أمر شخصي راجع لهم، لكن التصرف بتعالٍ ونرجسية مع هذه المبادرات أمر غير مبرر، وتنقصه الكياسة والاحترام لجهود جميع العالمين، فهؤلاء العاملون لا يسعون لتحقيق مصلحة شخصية، ولا لكسب مال يدخل في حساباتهم من دون وجه حق، بل هي مهمة إنسانية يؤدونها على أكمل وجه، فإما المساهمة بلطف، أو على أقل تقدير شكرهم واحترامهم على جهدهم واجتهادهم، من دون فلسفة أو تجريح أو رد بأسلوب غير لائق ولا لبق!

خلال زيارة للمركز، لفت انتباهي وجود سارة باقر، وهي مواطنة تمتلك معلومات هائلة عن التوحد، هذه المواطنة تعمل منذ 12 عاماً، ولمدة 10 ساعات يومياً مع أطفال التوحد، وأسرهم، تقدم لهم خدمات جليلة، وتساهم بشكل لافت في تحسين حالتهم، هذه المواطنة لم تتلقَّ يوماً مقابلاً مالياً نظير ما تقوم به، فهي متطوعة مجاناً لخدمة هؤلاء الأطفال.. كل كلمات الشكر والتقدير لن توفيك حقك يا سارة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر