كل يوم

حمدان أصرّ على الاحتفاظ بالمنصب!

سامي الريامي

سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، لا تنقصه المناصب، ولم يسعَ إلى كسب المزيد منها يوماً، وعلى العكس من ذلك، فهو قليل التعلق بالبروتوكول والرسميات، لكنه رغم ذلك تمسك بمنصب رئيس مجلس الإدارة، ولم يتركه، ولم يقبل التنازل عنه، أعاد تشكيل المجلس، لكنه ظل رئيساً له، فلماذا هذا الإصرار؟ وما هذا المنصب؟!

المنصب ليس سياسياً ولا مالياً أو اقتصادياً، وهو لا يُشكل إضافة إلى حمدان بن محمد، لكنه مهم جداً بالنسبة إليه، لأنه يتناسب مع حجم الإنسانية التي تسكن في جنبات حمدان الإنسان، لذلك احتفظ به، وظل رئيساً لمجلس إدارة مركز دبي للتوحد، هذا المكان الذي يضم أطفالاً تراوح أعمارهم بين الثالثة والـ18، يعانون أعراضاً غريبة، عجز العلم الحديث بكل تقنياته وتطوره عن معرفة مسبباتها، أو أن يسهم في توفير علاج فاعل لها، حالات مختلفة، جنسيات مختلفة، وألوان وأشكال مختلفة، تختلف بأعراضها ومستوى تأثرها، وتتفق في تصنيفها ضمن مرض غريب انتشر في الآونة الأخيرة اسمه التوحد.

• مركز دبي للتوحد ليس جهة ربحية، بقدر ما يعتبر جهة تؤدي خدمة عظيمة مقابل أجر مالي قليل يساعدها على الاستمرار في التميز.

مركز دبي للتوحد، مؤسسة مهمة جداً، ربما لا يعرف عنها المجتمع الكثير، لكنها بالتأكيد هي أهم مؤسسة في الدولة كلها، لمن يرعى طفلاً مصاباً بأعراض المرض، وحدهم هؤلاء يعرفون معنى ما يقدمه المركز إلى أبنائهم، فما يقدمه المركز من خدمات تعليمية وعلاجية لهذه الفئة يدعو إلى الفخر والاعتزاز، بدءاً من المستوى الراقي ومواكبته لأحدث الوسائل التعليمية، ثم اهتمامه الكبير بالأطفال، وتفاصيل يومهم المملوء بالأنشطة والفعاليات المفيدة التي لا يمكن وصف تأثيرها الإيجابي فيهم، إلى الجو العائلي المتميز الذي يجمع المعلمين بالأخصائيين والطلبة المصابين، والذي يعتبر أحد أسباب نجاح هذا المركز، فهو ليس جهة ربحية، بقدر ما يعتبر جهة تؤدي خدمة عظيمة مقابل أجر مالي قليل يساعدها على الاستمرار في التميز.

مجلس الإدارة الجديد للمركز برئاسة سمو الشيخ حمدان بن محمد، عليه مسؤولية استكمال مسيرة تطوير المركز ليستوعب الأعداد المتزايدة من الأطفال المصابين بمرض التوحد، من خلال إنجاز المركز الجديد الذي يعتبر الأحدث والأكبر من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، والمتوقع منه إنهاء معاناة صبر أكثر من 50 طفلاً مواطناً، هم حالياً في قائمة الانتظار، يجلسون في بيوتهم من دون أن يحصلوا على رعاية أو علاج أو تعليم، بسبب امتلاء فصول المركز الحالي بالمصابين، ما يفتح أمامهم فرصة اللحاق بنظرائهم للحصول على خدمات تعليمية ورعاية طبية تساعدهم على تجاوز هذه المحنة.

المركز الجديد الذي تكلف بناؤه أكثر من 90 مليون درهم، هو أفضل مثال على تلاحم أهل الإمارات قيادة وشعباً، حيث أسهم في بنائه جميع القطاعات الحكومية والخاصة وحتى الأفراد، تبرعوا بسخاء، وشاركوا بحماس لاستكمال بناء المركز وتزويده بأحدث المعدات، ليصبح أفضل مركز من نوعه في المنطقة، وليصبح أفضل مثال على الوعي وثقافة التبرع والتطوع والترابط والإحساس بالآخر، فمعظم المساهمين ليسوا لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمركز ولا بالمرض، لكنها المسؤولية المجتمعية، والترابط المجتمعي، والمسؤولية المشتركة هي التي حمستهم للتبرع، فلهم كل شكر وتقدير.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر