5 دقائق

مؤتمر الأقليات غير الإسلامية

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

انعقد في مدينة مراكش بالمغرب العربي، مؤتمر الأقليات غير الإسلامية في الدول الإسلامية، برعاية من ملك المغرب محمد السادس، حفظه الله، وتنظيم منتدى تعزيز السلم برئاسة الشيخ المجتهد المجدد، عبدالله بن بيه، حفظه الله، وأمد بعمره وعم بنفعه، ليعالج ظاهرة انتهاك حقوق هذه الأقليات في بلاد الإسلام، وقد أبان العلماء عن منهج الإسلام في التعامل مع هذه الأقليات بدءاً من صحيفة المدينة، وهي العهد الذي قدمه المصطفى، صلى الله عليه وسلم، لأهل المدينة بمختلف طوائفهم الدينية والقبلية، ومروراً بتنزل القرآن الكريم حثاً على البر بهم، والقسط لهم، والعدل بينهم، وهديه صلى الله عليه وسلم في حسن تعامله معهم، وانتهاءً بمنهج خلفائه من بعده، الذين كانوا على نهجه، وسار ولاة المسلمين في كل عصر ومصر على مثل ذلك، حتى بزغت بازغة الشر من قبل الجماعات المتطرفة المجرمة، التي زُرعت في عالمنا العربي والإسلامي، لتقوم بأجندة خارجية للصد عن دين الله، وتشويه رسالة الإسلام، بعد أن أوشك أن يعم الأرض.

• ولا نأسى على من لم يُرِد الله له الهدى، فللَّه شأن في خلقه، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

الإسلام ليس بحاجة للدفاع عنه، فهو بريء مما يدعيه أولئك المجرمون كبراءة الذئب من دم يوسف، عليه السلام، فنصوصه واضحة في التعامل معهم، لا تحتاج إلى تأويل أو تفسير، ومع ذلك نجد من تسول له نفسه النيل من الإسلام بحجة ما تفعله تلك الطائفة المجرمة باسم الإسلام، وهم معذورون لعدم معرفتهم بالإسلام.

والحقيقة أننا بحاجة لأن نبذل جهوداً لإبراز منهجية الإسلام لغيرنا، لا في التعامل مع الأقليات فحسب، بل ببيان رحمته وعدله وأخلاقه وقِيَمه وفضله على البشرية.

فقد جاء ليعامل الناس على الكرامة والإنصاف، ولنبين لهم أن نبي الرحمة العامة هو الذي أنار الكون بالسِّلم كافته، والخير كله، عملاً بهدي القرآن الكريم، وملة إبراهيم.

جاء ليقول: إن الناس صنفان: «مؤمن تقي، وفاجر شقي، والناس بنو آدم وآدم من تراب»، جاء ليدعو الناس إلى الخير باللين والرحمة، وإقامة الحجة بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، ثم من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فما على من يقوم بأمر هذا الدين إلا البلاغ، وما أحد على الناس بمسيطر، ولا هو هادٍ، ولا نأسى على من لم يُرِد الله له الهدى، فللَّه شأن في خلقه، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

هذا هو منهج الإسلام الذي ختم الله به الرسالات، فلما أُحسن عرضُه وطرحه دخل الناس فيه أفواجاً، وانتشر في المعمورة كانتشار نور القمر ليلة البدر، ولا يمكن لهذا النور بعد انتشاره أن يطفئه دعاة السوء ورؤوس الإجرام، أو من جهله من غير المسلمين، مهما كادوا له بالخلايا التي زرعوها على حين غفلة من المسلمين، ومِن حِفظ الله له، أن قيض الله له هؤلاء العلماء الذين اجتمع منهم طائفة من سائر البلدان في هذا المؤتمر؛ لينفوا عنه انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وتحريف الغالين.

لقد سمعنا صيحات سيئة تنتهز هذه الجرائم لتجعل منها بوق سوءٍ على الإسلام والمسلمين، فتدعو إلى التنكر لمبادئ الإسلام وتعاليمه ووسطيته، حتى يكونوا هم الظاهرين، وعليهم المعول في العالمين، وهيهات أن يكون ذلك، مادام أن الإسلام صافياً نقياً مما يشوبه من أخلاط الجهالة ودعاة الضلالة، فعلى العلماء ألا يعطوهم فرصة التطاول على نبع الله الصافي، وشرعه الوافي، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر