مزاح.. ورماح

الشيبان..!!

عبدالله الشويخ

ولماذا أغضب؟!

ربما كان مرد الأمر في أساسه أن فريجنا يتكوّن في أغلبه من كبار السنّ، لسبب تخطيطي بحت، هو أن المناطق السكنية الجديدة التي أصبحت تتكاثر مثل القنوات الفضائية استقطبت أغلب الشباب الراغب في بدء حياة جديدة، وبالتالي فأغلب سكان مناطقنا الكلاسيكية هم من بقي من كبار السنّ، ولهذا فقد كان أغلب أصدقائي من كبار السنّ، 70، 75، 69.. هناك رجل صغير بينهم يبلغ الـ63، تعرفت إليهم عبر مسجد الفريج، وعلى «الدكة» المقابلة لبائع الشاي وأثناء انتظار الدور في الحلاق، واستمرت العلاقة إلى الآن.

هل حقاً تعتقد بأن الأمر ممل؟! دعني أصارحك إذاً، جلساتكم أنتم هي المملة! ما الذي تبحث عنه في علاقتك مع الشلل «الشبابية»؟ الشقاوة ومغامرات التعرف إلى الجنس الآخر السطحية؟! عليك أن تستمع إلى مغامرات أصدقائي الشيبان، عالم قصصي تمتزج فيه الفروسية مع الرومانسية، قصص وحكايات يروونها بين دمعة عين وكحة صدر والكثير من الألفاظ الخادشة، التي تخرج فجأة وبتلقائية تتبعها عبارة، استغفر الله، هل لدى أصدقائك الرفيعين من قطع 600 كيلومتر ذات يوم لاختطاف عروسه! آخرهم «لايك» على «إنستغرام»!

وككل من يصل إلى مرحلة عمرية معينة، يبدأ الآخرون فيها بمشاكسته، بأن ملامح الكبر والشيب قد أصبحت واضحة في تصرفاته وأقواله ومزاجه، أغضب أحياناً، ثم أجترّ خبرات العمر، فأتذكر، وليتني لم أفعل، النتيجة هي أن كل النصائح والتوجيهات التي سمعتها من أصدقائي الشباب، والتي تبدأ غالباً بعبارة: لا تفعل كذا، فالمسؤولون لا يحبون هذا الأمر! وافعل كذا وكذا، هذه النصائح هي التي ألقتني في عالم «الستين داهية»! بينما كل ما تبعته من نصائح شلة «الشيبان»، التي كانت تبدأ عادة بقولهم: إذا النوايا طيبة، ربك بيسهل، كانت هي الركائز للأمور السعيدة في حياتي!

لماذا أغضب؟ هل الانتماء إلى جيل يقول لك: تعال أعرّفك إلى رجل ستستفيد منه غداً، أفضل أم الانتماء إلى جيل يقول لك: تعال لأعرفك إلى رجل أصيل، جمع الله له مكارم الأخلاق؟ هل الانتماء إلى جيل ينحت في بطون كتب التراث، ليثبت أن الحياة مادة، وأن عبقرية المصادفة قادته إلى التميز خير، أم الانتماء إلى جيل يسألك عن حالك، فتقول الحمد لله، يرفع عينيه إلى السماء بفطرة صافية، ويقول: يستحق الحمد!

احتفظوا بلحاكم المحددة، وببشراتكم المسنفرة، وكناديركم المطرزة، وألقابكم اللامعة، واتركوني مع أصدقائي في أيامهم الأخيرة، بوجوههم النيّرة، ورائحة المسك في لحاهم المحناة، وكحل عيونهم المشرقة، وقلوبهم الصافية التي لا تملكون مثلها، لأنهم أبناء بيئة لم تعيشوها، اتركوا لي صداقة شيباني، واستمتعوا بشبابكم!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر