كل يوم

الخلاف مع إيران جوهري لا مذهبياً..

سامي الريامي

الاعتراف «الرسمي» الإيراني، الذي رأى النور للمرة الأولى، بوجود 200 ألف مقاتل إيراني في الدول الإقليمية، خطير للغاية، فهو لم يأت من تسريبات صحافية، أو مصادر مجهولة، بل جاء من القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، ما يؤكد أن جميع الاتهامات العربية لإيران هي حقائق، وليست مبالغات أو مناورات، ويكشف بشكل «علني» النوايا الإيرانية الخبيثة لبث الفُرقة، والسيطرة والتغلغل، والتدخل بشكل مباشر في المنطقة العربية.

• السياسة الإيرانية قائمة على التعصب المذهبي، وهي تستغل هذا التوتر لتأجيج الصراع بين شعوب المنطقة، وتعمل بمفهوم الثورة لا مفهوم الدولة الحديثة.

المقاتلون الإيرانيون ــ وفقاً لجعفري ــ منتشرون في سورية والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان، لكن حقيقة الأمر أن الخلايا الإيرانية، والتدخلات المباشرة لتحريض الشعوب، وشراء الذمم والولاءات، والسعي لزعزعة الأمن، هي سمة إيرانية، وفعل حقيقي لا تخلو منه دولة عربية، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، منها ما كُشف النقاب عنه، ومنها ما لم يكشف عنه، ويكفي قراءة تصريحات جعفري «المستفزة» إلى آخرها، حتى نُدرك خطورة هذه الدولة على أمننا ومستقبلنا، فهو يقول بكل تعنّت إنه يتطلع إلى تشجيع الجيل الثالث من الثورة لدعم الولي الفقيه في إيران، والمشاركة في معارك إيران الخارجية!

إيران لم تعد تتحرج من تدخلاتها في الدول العربية، بل أصبحت تتفاخر بذلك، وهي تعمل منذ سنوات طويلة على إيجاد جماعات تابعة لها، توفر لها التمويل والسلاح في دول المنطقة، وذلك من أجل تنفيذ أجندتها في بسط هيمنتها ونفوذها بالاستعانة بهذا الوجود المسلح غير القانوني، وهي ترعى بشكل مباشر الجماعات الخارجة على القانون في العديد من دول المنطقة، إضافة إلى كونها داعماً رئيساً وممولاً كبيراً للجماعات الإرهابية التي تعمل على تهديد أمن واستقرار دول الخليج.

دول مجلس التعاون واجهت هذه التحركات الإيرانية المكشوفة بسياسة ضبط النفس، ولسنوات طويلة أيضاً، وحاولت جاهدة طوال تلك السنوات التعامل مع إيران كدولة جارة وصديقة، إلا أن النظام الإيراني يقابل ذلك دائماً بالغطرسة وزيادة التدخل، مدعوماً بأحلام القوة وتوسيع النفوذ!

السياسة الإيرانية قائمة على التعصب المذهبي، وهي تستغل هذا التوتر لتأجيج الصراع بين شعوب المنطقة، وتعمل بمفهوم الثورة لا مفهوم الدولة الحديثة، وتحاول تصدير هذه الثورة غير المقبولة إلى بقية دول الجوار، كما أنها لا تحترم القوانين والأعراف الدولية المنظمة للعلاقات بين دول العالم، ولا تحترم حق وسيادة الدول.

هذا هو الخلاف الجوهري الحقيقي بيننا وبينهم، وهذا هو سبب التوتر في العلاقات الإيرانية العربية، هو بعيد عن أي أبعاد مذهبية أو طائفية، كما يحاول ساسة وأصحاب العمائم في إيران دائماً تحويره وتزوير الحقائق، فالاستناد إلى الاختلافات المذهبية تبرير سطحي، بل خلافنا معهم هو خلاف سياسي جوهري، يتعلق بكيفية التعاطي مع قضايا المنطقة، ويتعلق بسعيهم الدائم لزعزعة الأمن، وبتدخلاتهم المستمرة في شؤوننا وشؤون المنطقة، وهذه ليست ادعاءات، بل هي حقائق أكدتها تصريحات جعفري، فهل له أن يقول لنا ماذا يفعل 200 ألف مقاتل إيراني في دول المنطقة؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر