مفاتيح لا تُشترى

ربما كان شيوع عبارة «سأطلب الطلاق»، هذه الأيام، أشيع لدى فتياتنا مع عبارة «أريد تكوين أسرة»، لأن الاستسلام هو صفة العصر عندما يتعلق الأمر بالطرف الآخر. تقف المرأة عند حدود الصدمة إذا ما لم يعجبها شيء أو أكثر من تصرفات الشريك، وتعتبره المسؤول الأول والأخير عن ضياع حلمها الوردي، وانهيار تقديسها للعلاقة الزوجية. نسمع كثيراً بمفردات مختلفة انتقادات لاذعة للجنس الأخشن، مع أنه لم يعد خشناً كثيراً في هذه الأيام، لاسيما عندما يتعلق الأمر بزوجته. تنهال الانتقادات ويصب غضب الجميلات على كل من كان أو سيكون رجلاً، فلا يسلم منها طفل في الثالثة أو الخامسة يسمع عند ارتكابه لنزوة طفولية شيئاً مثل «لن تكون أفضل من أبيك، كلكم كذلك»..!

 مهلاً سيداتي آنساتي، فليس أسهل من صناعة رجل، إلا الكشف عن كنوز روحه واصطياد جواهرها.

ليس بالغضب، ولا بالتعميم ولا بالاستسلام لما يبث من أفكار خاوية، تقوم الأسر وتصمد وتسعد، بل بالصبر والتكيف، بالتسامح والمهادنة.. وبالمشاركة. المشاركة في الفرح والهم والإحساس بالمسؤولية والاعتراف بالخطأ، المشاركة في تقييم الذات وتطويرها لتتأقلم مع ما يجلب للحياة الاستقرار والرضا، ويمنح مساحة أكبر للسلام الأسري والمحبة والمودة.

إذا لم يكن شريكك كما كنتِ تريدين وتحلمين، فاجعليه كذلك، مفاتيح القلوب مجانية لا تُشترى، وأكثرها سلاسة مفاتيح الرجل، مفتاح قلبه وخلقه وسلوكه. إذا ما وُجدت لديك عزيمة وإرادة حقيقية لبناء الرجل الذي تحبين، فلن تجدي في وجهك إلا باقات الزهور وأطواق الياسمين.

نضج المرأة يرتبط ارتباطاً كاملاً بوعيها بأهمية النصف الآخر، ودوره في حياتها ودورها في حياته، والوعي يولد الحكمة، والحكمة تقتضي أن ينظر كل طرف إلى ما ينقصه، أن يشتغل بإصلاح نفسه قبل أن يكيل التهم للآخر، أن يلاحظ مكامن التقصير في نفسه وفي سلوكه مع الطرف الآخر، ويقدر بدقة ما قدمه لفتح أبواب شريكه التي تبدوا له موصدة ويُعمل عقله وروحه لردم الفجوات ومد الجسور.

نضج المرأة يترجمه تقدير لإنسانية زوجها واحترام له حتى إن لم تقبل سلوكه، رقي في تعاطيها مع عثرات الحياة مع تقصير قد لا يكون ملتفتاً له، مع خطأ لم يتعمده، مع جهل بما يرضيها ليس مسؤولاً عنه. ذكاء وحكمة المرأة يكشفه قدرتها على استخدام جميع مفاتيح الرجل التي لا تشترى، بلباقة، وخفة، ودماثة.

 @KhaledAlKamda

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .