٥ دقائق

التعلّم من المراجعات اللاحقة

الدكتور علاء جراد

أستاذ في جامعة هارفارد اسمه «ديفيد جارفن» حقّق شهرة عالمية في مجال التعلم المؤسسي، وأصبح خبيراً استشارياً تستعين به مؤسسات عالمية مرموقة، مثل «جنرال إليكتريك»، «زيروكس»، «آي بي إم» و«غوغل»، تصل أتعابه في الساعة الواحدة نحو 30 ألف دولار أميركي. تقوم أبحاث ومؤلفات ومحاضرات البروفيسور جارفن على دراسة طريقة في التعلم المؤسسي اسمها «المراجعات اللاحقة» أو After Action Review، فما هي طريقة المراجعات اللاحقة، وكيف تؤدي إلى التعلم والتحسين، ومن ثم الابتكار والإبداع؟

“المراجعات اللاحقة” أسلوب بسيط وسهل لمساعدة أعضاء فريق العمل على التعلم والتحسين من خلال أربعة أسئلة أساسية لتقييم الأداء

 المراجعات اللاحقة هي عبارة عن أسلوب بسيط وسهل لمساعدة أعضاء فريق العمل على التعلم والتحسين من خلال أربعة أسئلة أساسية لتقييم الأداء، فبعد انتهاء كل مرحلة من مراحل المشروع أو بعد انتهاء مهمة ما يجتمع الفريق فوراً وفي موقع الحدث ليجيبوا عن أربعة أسئلة محددة، وهي: 1- ما الذي كان يُفترض أن يحدث (أي الأهداف المخططة)؟ 2- ماذا حدث بالفعل؟ 3- لماذا حدث اختلاف عن المستهدف؟ 4- ماذا تعلّمنا؟ وتتبع ذلك خطة عمل محددة، كما قد يتبعه أيضاً تغيير في السياسات والإجراءات أو استحداث سياسات وإجراءات جديدة. لقد درس البروفيسور جارفن هذه الممارسة لدى الجيش الأميركي وكتب عنها في كتابه الشهير «ممارسة التعلم» أو Learning in Action، وعلى الرغم من بساطة وسهولة هذه الطريقة إلا أن تبنّيها قد ساعد آلاف المؤسسات حول العالم في تطوير أدائها والتحول إلى مؤسسات متعلمة، وقد قمت بعمل بحث حول تطبيق هذه الطريقة في مجموعة جميرا، لدينا هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، في عام 2009، وقد وجدت بالفعل وبالدليل أن هناك فارقاً كبيراً في مستوى الأداء بين الوحدات التي تطبّق هذه الطريقة والوحدات التي لا تطبّقها.

 من خلال التجربة العملية يمكن القول إن عوامل النجاح الرئيسة حتى تكون هذه الطريقة فعالة وناجحة تتلخص في خمسة عوامل، هي: أن تتم المواظبة على تكرارها بعد كل مشروع ومهمة، أن يقتنع القائمون بها أن الغرض منها هو التعلم وليس اللوم أو تحديد من المخطئ، فالمهم هو أين الخطأ وليس من قام به، اشتراك الإدارة العليا في هذه الطريقة، بل تطبيقها في اجتماعات الإدارة، أن يكون لدى فريق العمل الصلاحيات والتمكين لاتخاذ الإجراءات الملائمة لعملية التحسين، توثيق الدروس المستفادة مع تعديل السياسات والإجراءات اللازمة حتى لا يتكرر الخطأ. الجدير بالذكر أن هذه الطريقة يمكن أيضاً تطبيقها على المستوى الفردي وليس في العمل فقط، بل في الحياة الشخصية وحتى في علاقاتنا الاجتماعية.

 @Alaa_Garad

 Garad@alaagarad.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر