٥ دقائق

أين شمسنا؟!..

خالد الكمدة

تعقيباً على ما لخّصه (أبوحمد) لابنه عن صفات الرجولة، علقت (أم سيف) «هذا هو حتماً ما نريد، زوجات وبنات وأمهات، هذا هو الرجل الذي نريده ركيزة لأسرتنا، تقوم في كنفه وبرعايته الحياة، ولكن أين هم هؤلاء الرجال؟».

 

موجودون يا (أم سيف)، في سماء دبي الذي غطته قبل أيام غيوم رمادية كثيفة، علمنا أن الشمس موجودة، لم نخف غيابها الأبدي عن أرضنا، نعلم أن الغيوم مهما كانت كثيفة، فهي عابرة، وستسير أو تتبدد، وفي بعض الأحيان ستخفف من أعبائها بأمطار تلهم فيها الأرض، وبعد ذلك ستشرق الشمس. رجال النخوة والمروءة والشهامة والاتزان موجودون في مجتمعنا، وإن خبأتهم عنا غيوم الحضارة المضطربة، أو سديم التطور.

لا يُرى من البحر إلا الزبد الذي يحمله الموج، أما اللؤلؤ والمرجان فيبقى مستقراً لا يبحث عن الشهرة، كذلك هم الرجال، ما نراه من ذكور لا نعترف باكتمال نضجهم واتزن رجولتهم، هم زبد الجيل، ونحن على يقين بوجود اللؤلؤ، من يبخس حق المرأة ويترك مسؤوليته تجاه الأسرة، ويزهد في واجبه نحو المجتمع هو ما يطفو على السطح، والرجال موجودون. موجودون في بيوت مستقرة ومع زوجات وأطفال سعداء، لا نسمع كثيراً قصصهم، لأن القصص الجميلة لا تروى بل تعاش، نشعر فقط بالسلام يحلق أينما ذهبوا، وفي كل ركن حلَّ فيه أحدهم.

الرجال موجودون حتى إن كان تكوين شخصية بعضهم ليس مكتملاً بعد، ففي أعماقه نواة جوهرة، ربما كساها التراب، ربما لم يستطع بعد تحديد قيمته، أو الضفة التي يقف عليها كرجل، ربما كان سخاؤه في محبة الآخرين، واحترامه الكامل لحقوق المرأة والطفل، تطور بشكل يبدو معه متساهلاً أو مفرطاً في المسؤولية، هنا يأتي دورنا، دورنا بأن ننصح ونرشد ونمسح الغبار ونزيل الشوائب، لتظهر لنا الصورة الحقيقة البرّاقة المرضية، التي نشأ عليها هؤلاء، والقيم التي زرعت فيهم.

الرجال موجودون، في صفوف الجيش الأمامية، قرب دلال القهوة في مجالس آبائهم، في ساحات الألعاب مع أطفالهم، وفي حديقة المنزل يعتنون بما تحب زوجاتهم من الزهور، موجودون بيننا في المكاتب والأسواق، يغلفهم الهدوء والمودة، ويغطي بعضهم غبار قليل يطلب يد امرأة وأسرة حانية لتمحوه وتجلو إشراقه.

 

@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر