مزاح.. ورماح

كيف تكون يابانياً؟

أحمد حسن الزعبي

تقول الحكاية إن شاباً يابانياً يدعى تاكيو أوساهيرا، ذهب إلى جامعة هامبروغ الألمانية، هو ومجموعة من الطلبة اليابانيين بغية الدراسة، كان حلمه أن يصنّع محرّكاً ميكانيكياً يكتب عليه «صنع في اليابان»، فدخل إلى كلية الهندسة الميكانيكية عن رغبة وحب شديدين، وبذل قصارى جهده في الدراسة والمتابعة والتحليل، وكان مدرسوه يقولون له إن نجاحك الحقيقي في أن تحصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة، لكنه كان يؤمن بأن نجاحه الحقيقي في أن ينجح في تصنيع محرك بعقل ويد ومواد يابانية.

ذات يوم حضر معرضاً لبيع المحركات الإيطالية، فاشترى محرّكاً صغيراً بكل ما يملك من نقود، وأخذه إلى غرفته المتواضعة، وهناك بدأ بفك المحرك وتسجيل مكان كل قطعها ورسمها، وبعد أن أنهى فكّ المحرّك بالكامل أعاد تجميعه، عملية تجميع المحرك أخذت منه ثلاثة أيام متواصلة، كان يأكل وجبة واحدة يومياً، ولا ينام أكثر من ثلاث ساعات، وفي اليوم الثالث استطاع تجميع قطع المحرك، وإعادة تشغيله، فاشتغل كما كان عليه، ففرح فرحة عظيمة، لقد قطع نصف الطريق، اتصل بأستاذه ليبشّره، فردّ عليه الأستاذ ببرود: إنك لم تفعل شيئاً، النجاح الحقيقي في أن تصلح محرّكاً معطوباً، وبالفعل أعطاه في اليوم التالي محركاً لا يعمل، فاشتغل عليه أياماً عدة، وفكّ أجزاءه من جديد، وبحث عن القطعة المعطّلة، ثم أخذها وذهب بها إلى معامل الصهر والسكب، وقام بتصنيع قطعة مشابهة، وبعد عشرة أيام من التركيب والجهد اشتغل المحرّك المعطّل، وعاد صوته الحقيقي ليدور من جديد، سعد جداً لنجاحه، واعتقد أنه قطع ثلثي الطريق.

بعد عودته إلى اليابان تلقى رسالة تقدير من إمبراطور اليابان، وقد طالب الأخير بمقابلته، إلّا أن تاكيو اعتذر قائلاً: لا أستحق كل ذلك التقدير، فأنا لم أنجح بعد.. فأمضى تسع سنوات أخرى، غير سنوات دراسته، وهو يتنقل من مصنع إلى مصنع، ومن فكرة إلى فكرة في بلده، إلى أن صنع عشرة محركات بعقل ويد ومواد يابانية، فحملها إلى قصر الإمبراطور، وقال له: الآن نجحت.. الآن نجح تاكيو أوساهيرا. وبعد هذا الإنجاز، وبعد أن حقق الحلم بعد 18 عاماً استطاع تاكيو أوساهيرا أن ينام 10 ساعات متواصلة، ومنذ ذلك الحين والموظف والعامل الياباني واقتداءً بتاكيو أوساهيرا، صاروا يعملون تسع ساعات يومياً، ثماني ساعات لنفسه ولأولاده، وساعة إضافية لليابان.طبعاً روى «أبوعرب» هذه الحكاية لأولاده بعد أن استطاع أن يزوّر إجازة مرضية في ذلك اليوم، ليبقى في البيت، وبالتالي الحصول على ثلاثية النوم المبجّل «خميس.. جمعة.. سبت».

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر