مزاح.. ورماح

«هوه لابس أحمر ليه؟!»

عبدالله الشويخ

الخميس قبل الماضي كان يوماً جميلاً بكل المقاييس، ذلك اليوم الذي استضاف فيه استاد هزاع بن زايد الجميل مباراة الأهلي والزمالك في العين.. ليلة أشبه بالحلم أن تشاهد المباراة التي كنت تضرب لها أكباد الإبل، وتضطر إلى أن تتصل بشخص ما يسمى «حسين بيه» أو «زكي باشا» لكي «يزبط» لك ثلاث تذاكر «على زوئه»، صحيح أن الحلو لا يكمل، وأن جمهور الزمالك الحبيب كان مؤدباً خارج أرضه، فلم نسمع الصيحات الشهيرة له بخصوص «عيلة صالح» والسؤال التقليدي «هوه لابس أحمر ليه»؟ إلا أن من ينظر إلى ما حدث، بعيداً عن الرياضة، سيرى أموراً أخرى في الحدث، حين تتألم مصر من فقدان أي شيء جميل كان فيها، فالفزعة والبديل أصبح موجوداً!

والشيء بالشيء يذكر؛ فأنا والاثنان الآخران اللذان نبحث عن «واسطة» من أجل التذاكر الثلاث، كنا نؤمن بأن السينما هي التطور الطبيعي للمسرح، لم ينجح المسرح في جذبنا يوماً ما على عكس كراسي الـ«جراند» التي لنا معها موعد أسبوعي ثابت، إلا في حالة استثنائية واحدة وهي مسرحية «عناقيد الضياء»، ربما بسبب الحملة الإعلامية والمسرح الجميل الخاص على ضفاف جوهرة الشارقة، الذي أُعد لها في ذلك العام، ولكن الأمر كان مختلفاً تماماً في تجربتنا الأولى، فالمسرح الحي يستطيع أن يحرك فيك الكثير، ربما ظلم المسرح بسبب استخدامه «كوميدياً» فقط في السنوات الأخيرة، إلا أن ملحمة عناقيد الضياء بنجومها الأربعة: حسين الجسمي وعلي الحجار ولطفي بوشناق ومحمد عساف، وكلمات عبدالرحمن العشماوي، وسيرة الحبيب المصطفى، كانت جميلة ومؤثرة ولا تستطيع معها سوى أن تسمع صوت البكاء، خصوصاً في تلك اللحظة التي أعلن فيها عن وفاة الرسول.. مسرحية نادرة في إنتاجها ومؤثراتها ونجومها وموضوعها، وقبل كل شيء ربما لأنها «شارقية» ولذلك فقد كانت هدية الشارقة والإمارات لمصر هذه المرة، إذ أقيمت المسرحية في مصر، وكان الحدث في الاتجاه الآخر حدثاً إماراتياً يتم نقله إلى مصر؛ وهي رسالة أخرى أن ما أسعدني هنا.. أريده أن يسعدك هناك.

الفزعة.. والطبطبة.. وأن تضع رأس صديقك على كتفيك متحملاً صوت بكائه، مستمعاً إلى مشكلاته الكثيرة معها، وتأكيدك له بأنها لا تستحقه، وأنه سيحصل على من هو أفضل منها.. احتضانه بقوة.. والأخذ بيده إلى أن يجد المخرج.

هي ليست ممارسات بشرية فقط.. ولكنها يمكن أن تكون بين الأوطان نظيفة القلوب.. وليس أجمل من صديق حقيقي.. يعطي لأنه يحب.

ولأنه يحب فقط!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر