٥ دقائق

الحل الحقيقي تنمية الإنسان

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

كلمة نيرة تلك التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ـ حفظه الله ـ وهو يتوج مبادراته الكريمة لنفع الإنسان؛ التي جاءت في إطار إطلاقه مؤسسة كبرى لنفع الإنسان، حيث قال: «العالم يواجه تحديات كبيرة في الإرهاب والحروب والهجرات، والحل الحقيقي هو تنمية الإنسان».

إذاً فقد عرفنا الداء فلابد من العمل الجاد لإيجاد الدواء، وهو في الحقيقة يسير وقليل بجانب تكلفة الداء.

 

حقاً إن الحل الحقيقي لهذه الفواقر الفواجع هو تنمية الإنسان، فالإنسان هو الذي فجر هذه الأوضاع، ولو بحثت عن سبب تفجيره لها لوجدته: التخلف، الفقر، الظلم، البطالة.. أمور يهوِّن بعضها بعضاً، وكل ذلك ناتج عن غياب التنمية البشرية التي تخلق من الفرد إنساناً سوياً، نافعاً غير ضار، عاملاً غير عاطل، منتجاً غير مستهلك، صالحاً في نفسه ودينه ودنياه غير طالح، فلما لم توجد هذه التنمية في ذاته انتقل إلى تفاعله الكيميائي لأنه حركي في وضعه، غير قادر على الخمول والكسل، فهو لابد أن يعمل شيئاً في حياته، فطاقته الكامنة مستحيل أن تهدأ بغير عمل، فإذا لم يحسن العمل الصالح فسيعمل ما يتيسر له فعله، أياً كان ذلك العمل، وتأمل معي أخي الكريم قوله تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}، فكل إنسان لابد أن يسعى، وسعي بني البشر أشتات متفرقة، كل بما يتيسر عليه فعله، كما دلت عليه الآيات التالية لهذه الآية، وكما قال صلى الله عليه وسلم: «كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتِقُها أو مُوبِقُها».

 

ولا يريد أحد من الناس أن يوبِق نفسه، إلا أنه إن لم يجد من ينقذه فلن يجد نفسه إلا في مستنقع الفساد، وحينئذ سيستمرِؤه وسيستمر فيه، والضرر لن يقف عند حده، بل سينتقل إلى غيره، وهو الوطن والمجتمع، وواجب الأمة أن تسعى لتخليص البشر من هذا المستنقع الكريه الرديء.

وها نحن نرى المجتمعات التي لم تستثمر الإنسان كيف آل وضعها، سواء العالم العربي بكوارثه، أو بقية ما يسمى بالعالم الثالث بفقره وتخلُّفه، وحتى العالم المتقدم فإن من أفراده الكثير منهم كذلك ممن لم تشملهم تنمية دولهم ومجتمعاتهم.

إذاً فقد عرفنا الداء فلابد من العمل الجاد لإيجاد الدواء، وهو في الحقيقة يسير وقليل بجانب تكلفة الداء، وكما يقول المثل: درهم وقاية خير من قنطار علاج، فالوقاية دافعة، والدفع أقوى من الرفع كما تقول القاعدة الفقهية، وتنطبق على الحياة الاجتماعية.

فيا أيها الناس استثمروا هذا الإنسان بما ينفعه؛ علماً ثقافياً وتجريبياً وسلوكياً، فهو الذي سيريحكم وينفعكم، ولا تضنوا عليه بشيء مما في أيديكم الذي سيزول من غير نفع، فخير المال ما نفع، وخير البر عاجله.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر