مزاح.. ورماح

الوجع أكبر من الجائزة..

أحمد حسن الزعبي

في زمن الطفولة، كان عندما يغلق الباب على أصابعنا الرفيعة ونشعر بأن المشهد الذي أمامنا من جدران وخزائن وأشخاص كله «ينبض» مع نبض الإصبع الموجوع، وصوت البكاء مضبوط على أعلى مستوى، يأتي أحدهم ويقايضنا الوجع بحلوى «تأخذ حلوى وتسكت» تمر هذه العبارة بمعالجة دماغية سريعة تنتهي بالموافقة، فنأخذ الحلوى ونسكت، وبالتالي نخرس اللسان الملهي بالصراخ ببعض الحلوى ونخون الإصبع المتضرر».

قبل سنة تقريباً ركض طفل أمامي هارباً من صديقه وارتطم رأسه بسيارة للتو تتحرك من مكانها، وبدأ بالصراخ الشديد، الحادث يبدو للوهلة الأولى حادث دهس، لكن في الواقع هو ارتطام جسم متحرك بجسم ثابت تقريباً، فاقترح أحد المتجمهرين على الطفل أن يشتري له السائق «بوظة» لكي يبرّد على رأسه «الحامي» فوافق الطفل على الفور، وبعد دقائق كان «يلحس» البوظة بمشاركة صديقه المطارد ويده اليمنى على نافوخه الموجوع، وبالتالي أُخرس اللسان الملهي بالصراخ وتمت خيانة الرأس المتضرر بحبة بوظة لولبية.

 

**

الطفل السوداني الأميركي أحمد محمد، بقي طوال الليل يمرر الأسلاك من تحت اللواقط ويضيف النابض تحت العقارب، حتى يفاجئ معلمته في اليوم التالي بساعة منزلية الصنع، عله ينال تقديراً مميزاً أو كلمات ثناء تكافئ التعب المقتطع من ساعات اللعب، وفور كشف الغطاء عن «الساعة البدائية»، ذعرت المعلمة وطلبت من الشرطة اعتقاله اعتقاداً منها: أن أحمد ومحمد ومحمود وعبدالله لا يمكن أن يخترعوا إلا القنابل والموت والقتل، ولا يمكن أن يشغهلم اختراع ينظم «الزمن»! فتم اعتقال الصبي استناداً لـ«الأصول»، يا لحجم الوجع الذي أصابك يا أحمد!

 

**

في النهار نفسه وحسب نظرية «الحلوى والبوظة»، فقد دعا الرئيس الأميركي الطفل السوداني أحمد، صاحب «الساعة القنبلة»، ومن باب تلطيف الجو وتبييض صورة البيت الأبيض المعتمة في عيون المتّهمين بلونهم ودينهم، جامل أوباما الصبي قائلاً: «ساعة لطيفة يا أحمد، هل تريد إحضارها إلى البيت الأبيض؟»، فسكت أحمد وقبل الدعوة، وقال الطفل ببراءة فور خروجه من مكتب الرئيس إنه يتمنى أن ينتقل من مدرسته القديمة إلى مدرسة أخرى، يا إلهي لقد تم إسكات اللسان الملهّي بالحزن بقبول الدعوة، والرضا بتغيير المدرسة لا بتغيير نمط التفكير، لقد كان الوجع الذي تسبب لأحمد أكبر بكثير من جائزة «الترضية»!

ياااه لو إنك أكبر قليلاً يا أحمد، لدعوتك إلى أن تلفظ «الدعوة» من فمك، وأن تصرخ تحت قبة البيت الأبيض، أنا إنسان أحب وأكره وأخترع.. أنا أحمد، أنا الفتى الأسود، إذا كان إرهابي مجرد خيال عندكم، فإرهابكم كل لحظة يتجدّد.. أنا أحمد، أنا الفتى الأسود.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر