ملح وسكّر

سلبيات التشفير

يوسف الأحمد

ألقت قضية التشفير بظلالها على الساحة الرياضية قبل انطلاقة الموسم الكروي، حيث تفاعلت معها الجماهير بمختلف فئاتها وألوانها، بل لقيت معارضة عارمة حتى من العاملين في الوسط الإعلامي نفسه، فالقرار كان بمثابة خطوة وقفزة استباقية يفترض أن تكون بعد خمس سنوات مقبلة، بشرط تحسن الحال وتغير الصورة النمطية لمستوى الدوري وأداء الفرق فيه، لكن يبدو أن الجماعة مستعجلين على هذه الخطوة، فاستبقوا الجميع بهذه النقلة التي لقيت رفضاً واستياءً عارماً من الشارع الرياضي الذي كان يرفض فكرة تشفير بعض اللقاءات سابقاً، كونه يرى أن الدوري حقٌ عام للجمهور، ولم يصل لمرحلة التملك والاحتكار من قبل الرعاة أو القطاع الخاص كحال الدوريات الأوروبية. لذلك فإنه من الطبيعي أن تكون هناك آثار سلبية على دورينا، قد يكون أهمها ضرب شعبيته ورقعة انتشاره محلياً وإقليمياً، خصوصاً أنه يتطلب اشتراكاً أو جهازاً خاصاً لمشاهدته، في الوقت الذي ستطغى فيه شعبية الدوريات الأخرى في الدول المجاورة، والتي ستكون متاحة بالمجان أمام الجميع. فالتشفير إن لم يتم تدارك قراره، فإنه حتماً سيؤدي إلى نتائج وخيمة على المسابقة، ومع الأيام ستقل شعبية الدوري، وسنجد أنظار الجماهير مصوبة نحو الدوريات الأخرى في المنطقة، خصوصاً أن بعضها ذو مستوى وأداء راقٍ، ويتم الترويج له بطريقة احترافية مميزة، سحبت البساط من تحت نظرائها لتجعله في المقدمة بلا منازع، لذا فالقرار يحتاج إلى مراجعة قبل فوات الأوان!

«القرار كان بمثابة خطوة وقفزة استباقية يُفترض أن تكون بعد خمس سنوات».

وسط حرارة ولهيب الصيف انطلقت منافسات الموسم الكروي الجديد الذي بدأ مرهقاً وشاقاً على الفرق نتيجة ظروف الجو من حرارة ورطوبة عالية أرهقت اللاعبين وأجهزتهم الفنية، وحتى الجماهير التي حضرت على استحياء وظهرت في المدرجات تؤازر وتشجع فرقها. وهناك إجماع على فداحة هذا القرار القاسي الذي أجبرهم على اللعب في هذا التوقيت الصعب، والذي يعتبر الأعلى سخونةً وحرارةً في السنة، لكن لرجال الاتحاد والرابطة وجهة نظر مختلفة تتمحور بضرورة التكيف مع جميع الأجواء أولاً، ثم ثانياً بسبب الازدحام الموجود في روزنامة الموسم من مسابقات محلية ومشاركات خارجية تخص الأندية والمنتخبات على حد سواء. فنحن هنا لسنا بصدد إلقاء اللائمة أو تحميل طرف على حساب الآخر، كون الأمر أخذ مجراه، والموسم انطلاقته أصبحت من الماضي، ولا مجال للاعتراض أو التذمر، بيد أن القرار يتحمل تبعاته الجميع بما فيه من سلبيات وإيجابيات، وإن كان الجانب السلبي هو الطاغي في هذه الجزئية، حيث إن سلامة عناصر اللعبة وصحتهم أهم من كل شيء، فالظروف المناخية تختلف من مكان إلى آخر، ولا يمكن أن يكون هناك أداء وعطاء وسط حرارة تصل إلى فوق 45 درجة مئوية ورطوبة تسبح وتغرق فيها الأجساد. لذا هي كانت تجربة لإطلاق الموسم في هذا التوقيت الغريب، وعلى المعنيين دراسة جوانبه الفنية والمعنوية والمادية، فالرهان على النجاح قد يكون خاسراً أحياناً، ولا ضير من إعادة النظر فيه مرة أخرى، وقديماً قالوا «لكل ثوبٍ لابس».

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر