كل يوم

هل مازلنا نحتاجهم؟!

سامي الريامي

سنظل نحتاج إلى خبراء وكفاءات عالية من خارج الدولة، وسنظل نطلبها في قطاعات حكومية كثيرة، لا خلاف على ذلك أبداً، ولا يوجد إنسان يفكر بمنطقية وواقعية إلا سيصل إلى النتيجة ذاتها، فالدولة وإن وصلت لعامها الرابع والأربعين، إلا أنها متسارعة النمو والتطور، وسريعة النهضة والتنمية، وهذا النمو المتصاعد يحتاج إلى خبرات وكفاءات مساعدة، ويحتاج إلى عقول داخلية وخارجية تنقله بشكل دائم لمستويات أعلى.

«من غير المقبول ولا المنطقي حقاً أن يكون لدينا خبير أجنبي في هيئة اتحادية جميع متعامليها مواطنون، ويُترك له العنان لوضع قوانين مصيرية لهم».

لكن هذا لا يعني أن حاجتنا للخبراء اليوم هي الحاجة ذاتها لهم عند قيام الدولة أو قبل 30 عاماً، ولا بالعدد ذاته، كما لا يعني أن المجالات والقطاعات التي احتجنا فيها خبراء سابقاً، هي القطاعات ذاتها التي نحتاج لها خبراء من خارج الدولة حالياً، وبالتأكيد لن تكون هي القطاعات ذاتها التي سنظل نستورد لأجلها الخبراء مستقبلاً.

في القطاعات الفنية والتقنية الجديدة سنظل نحتاج كفاءات وخبرات خارجية، فدولة وثّابة مثل الإمارات تصعد كل يوم لتصل إلى قمة جديدة، وتطرق مجالات جديدة لم تعتد المنطقة الدخول فيها، لاشك في أنها ستحتاج إلى عقول خارجية إضافية تساعدها في نجاحاتها المستمرة، وهذا يعني بالضرورة أن تطورها الهائل والشامل، وظهور الكفاءات والكوادر المواطنة المؤهلة والمتسلحة بالمعرفة والعلم يُغنيانها بشكل تلقائي أيضاً عن استيراد خبراء أو كفاءات خارجية في قطاعات أخرى كثيرة، فالإمارات كما هو معروف طوّرت العقول والبشر، واهتمت بالكوادر المواطنة بشكل كبير، وأهلتهم لحمل مسؤولية النمو واستمرار التنمية، لذا فإن الحاجة كما هي موجودة لخبراء خارجيين في مجالات معينة، فإنها يجب أن تنتهي نهائياً في مجالات أخرى كثيرة.

بصراحة لا أعتقد أننا نحتاج اليوم في الإمارات خبيراً أجنبياً في الموارد البشرية، ولا خبراء في معظم فروع الإدارة، ولا نحتاج خبراء من خارج الدولة لوضع تصورات لقوانين منظمة للمجتمع أو لشؤون المواطنين أو خبراء لحل مشكلاتنا الاجتماعية، لا نحتاج كثيراً من الخبراء الحاليين، ووجودهم غير ضروري إلا في أذهان من يعتمدون عليهم من مسؤولينا، الذين يُغطون بهم نقصاً مهارياً أو إدارياً موجوداً فيهم!

من غير المقبول ولا المنطقي حقاً أن يكون لدينا خبير أجنبي في هيئة اتحادية جميع متعامليها مواطنون، ويُترك له العنان لوضع قوانين مصيرية لهم، في حين أن هيئة الطاقة النووية يرأسها مواطن، ويديرها مواطنون، ومشروع الإمارات الرائد للوصول إلى المريخ يُديره وينفذه شباب الإمارات من ألفه إلى يائه، ألا يوجد في تلك الهيئة أو في الدولة بأسرها خبير مواطن واحد يستطيع وضع قانون يُراعي فيه جميع النواحي الاجتماعية والمعيشية للمواطنين؟!

لا أُطالب بالاستغناء عن كل الخبراء الأجانب في الدولة، ولا يُعقل أن يحدث ذلك، لكنني وبشدة مع إعادة النظر في المجالات التي مازلنا نحتاج فيها هؤلاء الخبراء.

لابد من تقييد إعطاء درجة وامتيازات خبير، وعدم استسهالها في الأمور كافة، الصغيرة قبل الكبيرة، والسطحية قبل الفنية، والإبقاء عليها ضمن أضيق المجالات الفنية أو التقنية أو الطبية الصعبة والنادرة، أو التي يصعُب وجود كفاءات مواطنة فيها.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر