كل يوم

النقاش في التفاصيل.. وليس في الهدف

سامي الريامي

مما لا جدال فيه أن المواطن يتمتع بحقوق وامتيازات ورفاهٍ، لا أعتقد أنه يتوافر مثلها في أي دولة في العالم، ولا أدلّ على ذلك من أن دولاً عربية ومتقدمة تسعى إلى الاستفادة من تجربة الإمارات في الإدارة الحكومية، وتوزيع عوائد التنمية الاقتصادية على كل الفئات الاجتماعية، فهذا نهج راسخ منذ قيام الاتحاد.

ومما هو مشهود وقائم أيضاً أن الدولة، بقيادتها وحكومتها، لا تنظر إلى اعتبارات الكلفة وميزان الربح والخسارة، حينما يتعلق الأمر بالمواطن، وحينما يكون هناك نقاش أو جدل في الصحافة حول هذه الخدمة أو تلك، أو عن مشروع قانون، فلا يعني هذا سوى أننا متفقون في هدف واحد، هو مصلحة الوطن والمواطن، وهي فوق أي خلاف، وما يتبقى فاجتهادات وآراء، تصبّ جميعها في مصلحة الهدف، ولا تعني بتاتاً انتقاد أداء وزارة أو دائرة أو هيئة.

«نحن دولة شفافة، برؤية واضحة، تقودها حكومة جريئة وشجاعة، فما مبرر أي هيئة أو مسؤول في رفض الحديث مع الصحافة؟.. نحن صحف حكومية أيضاً، ونفتخر بتجربتنا، ونعمل تحت شعار قادتها بأن (مهمة الإعلام تنويرية، لا ترويجية)».

تبعاً لمقال أمس، ولما تنشره «الإمارات اليوم» من أخبار وقراءات بشأن التعديلات المقترحة لمشروع قانون المعاشات، فأين يمكن مناقشة مشروعات القوانين قبل أن تدخل في مراحلها الإجرائية والدستورية؟ قد تختار الجهة هيئة من الخبراء والمعنيين في جلسة عصف ذهني، بعد وضع مشروع القانون، وهذه الجلسة مفتوحة للتغطية الإعلامية، أو أن تطلب الجهة من صحافيين وكتّاب وأكاديميين إبداء ملاحظاتهم على المشروع، وهناك اتجاه ثالث بأنْ تعقد هيئة، مثل الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية، مؤتمراً صحافياً، تعرض فيه مسودة التعديلات، بما يفتح نقاشاً عنها في الصحافة.

مشروعات القوانين ليست أسراراً، والكتابة عنها، مدحاً أو نقداً، تقدم للمسؤولين والقانونيين زاوية فهم مختلفة للمزايا والاختلالات، لأن هذا عمل بشريّ يحتمل دائماً الصواب والخطأ، ولا أحد في الدولة، مسؤولاً أو صحافياً أو مدوّناً أو مغرداً، يستطيع إنكار الجهد الحكومي الدؤوب في الأخذ بعين الاعتبار الآثار الاجتماعية لأي قانون أو إجراء، ولأجل ذلك فلا ضرورة أن نعتبر مشروع قانون أمراً بالغ السريّة تحتاج الصحافة إلى جهد للحصول على نسخته. نحن دولة شفافة، برؤية واضحة، تقودها حكومة جريئة وشجاعة، فما مبرر أي هيئة أو مسؤول في رفض الحديث مع الصحافة؟ نحن صحف حكومية أيضاً، ونفتخر بتجربتنا، ونزهو أكثر فأكثر بأننا نخدم رؤية الإمارات، ونعمل تحت شعار قادتها بأن «مهمة الإعلام تنويرية، لا ترويجية»، ويحق لنا بهذا الدعم المتواصل أن نتساءل عن هذا الخلل أو ذاك، ومن واجب المسؤول علينا ألا يتجاهلنا، ويُغلق هاتفه، وألا نحاول شهوراً بإلحاح يومي من أجل الحصول منه على توضيح أو رد. من واجب الوطن على المسؤول أن ينظر إلى عمل الصحافة، بوصفها شريكة نزيهة في الجهد الوطني العام.

من واجب الصحافة تعظيم المكاسب، وتسليط الإضاءة بقوة على الإنجازات، فنحن نعيش في منطقة شحيحة الآمال، ونموذجنا يكاد يكون متفرّداً، وصحفنا مثل بلادنا عامرة بقصص النجاح، ولابد وسط هذه الورشة الوطنية المستمرة من وضع مشروع قانون، مثل المعاشات، تحت المراجعة والنقاش في الصحافة، فهي تظل المكان الأفضل، لكي يعرف المسؤول وجهات النظر المختلفة والمنضبطة في الإطار المصلحي، بدلاً من ترك الأمور لأمزجة ومناخات وسائل التواصل الاجتماعي.

هذه هي الإمارات.. طموح قادتها لا حدود له، حقوق مواطنيها مكتسبة، وحق صحافتها مكفول في المراجعة والنقاش والنقد المسؤول، وأيضاً في الخطأ.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر