مزاح.. ورماح

في عيادة التجميل..

أحمد حسن الزعبي

في عيادة التجميل جلس العربي المتنوّر بجانب سيدات ثريات وشابات وسيمات وأخريات يرغبن في عمل تحويلة في «الأنف»، أو مطبات إضافية في مواضع مختلفة.. ظل ينتظر دوره لمقابلة الطبيب، كانت الصور «قبل وبعد» تملأ المكان، شفاه رقيقة «قبل» تصبح مثل أرغفة «البيتزا» غليظة وحمراء «بعد»، تدخل «حمدة» تخرج «هيفا».. تدخل «نوفة» تخرج «هيفا».. تدخل «حجّة» تخرج «هيفا».. تدخل «محمود» تخرج «هيفا».. يا لهذا الجيل المتشابه إلى حد التطابق! حتى علب «الكولا» فيها علامات فارقة أحياناً..

أخيراً أشارت السكرتيرة إليه بالدخول، جلس قبالة الدكتور الذي تملأ غرفته رسوم توضيحية للقص واللصق، والشفط والنفخ لنساء أجنبيات.. تنحنح العربي المتنوّر، وقال: أنا أعاني «النكوص».

الطبيب: كيف؟

العربي المتنور: بعض الفضائيات العربية «طناجر» فكرية، تغلي على نار الحشد الإعلامي، وما إن ترفع غطاء البث عنها، حتى تنتشر روائحها المختلفة في فضاء العرب، هنا رائحة «طائفية» بالبهارات الفارسية، هذه «سنية تشكك في عقيدة الشيعة»، وبعدها بترتيب رقمي واحد «قناة شيعية تشكك في عقيدة السنة»، ورابعة تفوح منها رائحة «البارود والجلود المحترقة»، الخامسة تفسّر الأحلام وتعالج الجذام وتجلب «الحبيب»، والسادسة إباحية تبث من غرف النوم معظم فقراتها، وسابعة تصوّر مجزرة في «دوما» يسطر الأطفال فيها على الأرض بالطول والشكل والدم والإصابة نفسها، كطبق «من ورق عنب»، الثامنة تحلل صراع الفصائل على السلطة، ليكتشفوا أنّ لا سلطة في السلطة، وأخيراً في قاع «الرسيفر» الملهي بالقتل والتفرق والتمزّق والتشكيك شاهدت قناة أجنبية يا دكتور تبث نبأ قصيراً عن نجاح جامعة أوهايو الأميركية في إنتاج دماغ بشري مكتمل التكوين.. تخيل في جامعة أوهايو.. يصنعون دماغاً بشرياً من الصفر.. وفي أطباقنا «الغائرة» في «داحسنا».. نعيد الدماغ البشري إلى الصفر!

- الطبيب: كلام غير واقعي.. الدماغ لا يصنّع.

- العربي المتنور: سمعتها بأذنيّ هذه.

- الطبيب: أرجوك بسرعة الزبائن تملأ العيادة ما المطلوب، تصغير أنف؟

- العربي المتنور: لا.

- الطبيب: تطويل إصبع؟

- العربي المتنور: لا..!

- الطبيب: نفخ شفاه، شفط بطن، استقامة ظهر، تكبير، تضمين أرداف، تصغير عمر.

العربي المتنور: لا..لا..لا!

الطبيب: ما المطلوب إذاً..؟!

العربي المتكوّر: تكبير دماغ!

الطبيب: عذراً.. الخدمة غير متوافرة الآن!

***

لو تُكبّر العقول، لأغلقت الفضائيات، وأغلقت عيادتي معها!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر