5 دقائق

الخدمة الرديئة والعميل الياباني

الدكتور علاء جراد

في الوقت الذي يسعى فيه القطاع الحكومي في دولة الإمارات لإسعاد المتعاملين، ويحاول جاهداً تحسين الخدمات والتسهيل على الجمهور، نجد الكثير من مؤسسات القطاع الخاص مازالت لم تسمع عن الجودة أو خدمة العملاء، ولا تبالي بالشكاوى المتكررة، فهذه إحدى شركات الاتصالات، التي كانت في يوم من الأيام تتربع على عرش خدمة العملاء والاهتمام بالجودة، نجدها اليوم في الحضيض من حيث الجودة وعدم الاكتراث بشكاوى العملاء، وهذه مستشفى لا تردّ على الاتصالات، بل لا يعير الموظفون بها بالاً للمرضى، وتلك عشرات المدارس الخاصة تتعامل مع الطلاب وأولياء الأمور بمنتهى الكبر والغرور، ولا يعرف قاموسها كلمة جودة أو خدمة عملاء، أما المطاعم فحدّث ولا حرج عن تدنّي مستوى النظافة والخدمة.

«العملاء في اليابان عندما لا تعجبهم خدمة لا يقدمون شكوى، لأنها تكون المرة الأخيرة التي يتعاملون فيها مع مقدّمها».

تقوم الجهات المختصة بالكثير من الجهود لحماية المستهلك والحفاظ على حقوقه، ولكن يأتي ذلك كإجراء لاحق، ومن الممكن اتخاذ الكثير من الإجراءات الاستباقية، أهمها الاهتمام بالتدريب، وإلزام جميع مؤسسات القطاع الخاص بتبني موضوع التدريب والاستثمار فيه وألا يترك ذلك اختيارياً لأرباب العمل الذين لا يشغلهم سوى تقليل النفقات بغض النظر عن الأضرار التي تتبع ذلك، ومنها ما يمس صحة الناس وسلامتهم. ومن ناحية أخرى، علينا نحن المستهلكين عدم القبول بالجودة الرديئة نهائياً، فالقبول بمستوى متدنٍّ من الخدمة يشجع مقدّمي الخدمة على التمادي في ذلك، وبالتالي يصبح من المستهجن أن يقوم أحد العملاء بتقديم شكوى. ذات مرة طلبت وجبة من أحد المطاعم، وكان الأكل فاسداً بمعنى الكلمة لدرجة أن رائحته كانت واضحة بمجرد فتح العبوات، وعندما اتصلت لأقدّم شكوى أجابني الموظف بكل بجاحة مستنكراً ما أقوله قائلاً إن ما يفوق الـ100 طلب تم بيعها اليوم ولم يشتكِ أيّ من العملاء!

أحياناً أقرر أن أكون «عميلاً يابانياً»، وأحياناً أقدم شكوى على أمل أن تجد من يهتم، العملاء في اليابان عندما لا يعجبهم خدمة أو منتج لا يقدمون شكوى، لأنها تكون المرة الأخيرة التي يتعاملون فيها مع مقدم تلك الخدمة الرديئة، ثم يخبرون أصدقاءهم ومعارفهم عن تجربتهم. حسب الدراسات فإن من يتلقى خدمة جيدة يخبر من خمسة إلى 10 أشخاص، أما متلقي الخدمة الرديئة فيخبر من 10 إلى 20 شخصاً، فهل تعرف المؤسسات ذلك لعلها تهتم بوضع السياسات وتنفيذ الإجراءات التي تضمن جودة الخدمة؟ يقول «بيل غيتس» إن أفضل مصدر للتعلم والتحسين هو شكاوى العملاء، وبالفعل هناك بعض المؤسسات الخدمية الناجحة تعتبر الشكاوى بمثابة هدية للتعلم وتحسين الجودة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر