5 دقائق

التكنولوجيا وتعزيز القيم الاجتماعية

سعيد المقبالي

بعيداً عن التعريفات العلمية ومصطلحات المتخصصين، فإننا عندما نفكر في التكنولوجيا المتطورة يتبادر إلى أذهاننا غالبا ما نستفيده منها من تسهيل للخدمات ورفاهية أو تسلية تقدمها إلينا، لذا يقوم معظمنا بالبحث عن أحدث التقنيات التكنولوجية، ويدفع في سبيل اقتنائها تكاليف باهظة.

وربما لا ينتبه الكثيرون إلى أن التكنولوجيا أيضاً، ومنذ فترة طويلة، تخدم وتعزز لدينا عدداً من الفضائل الأخلاقية، وتساعدنا في برمجة سلوكياتنا وسلوكيات أبنائنا على أنماط سليمة للنظام واتباع القوانين.

إن كل تكنولوجيا أو تقنية نبتكرها أو نطورها أو نشتريها لن تحقق مكاسب اقتصادية وخدمية واجتماعية مستدامة، إلا إذا كانت مرتبطة بقيمة الإنسان، وقيمة الإنسان هي أخلاقه وسلوكه القويم.

في هذا القرن، نشهد دخول العديد من الأجهزة والأنظمة التكنولوجية إلى حياتنا، ويراها الكثير من الناس نوعاً من التعقيد أو مبالغة في الرفاه، وهي عكس ذلك تماماً، ما يؤكد أن التكنولوجيا عامل عصري مهم في تنمية الأخلاق وتعزيزها ومراقبتها، لكننا نحتاج إلى التركيز على هذا الجانب، دراسةً وتخطيطاً، لتعظيم الفائدة من النهضة التكنولوجية، ولتطويعها في خدمة الفضائل الاجتماعية والإنسانية.

وكم هو محظوظ مجتمع الإمارات، الذي أوجدت له قيادته الحكيمة كل الدعم ليسهم في تطوير استخدامات التكنولوجيا والابتكار فيها، وأعلنت العام الجاري عاماً للابتكار، وما قدمه الكثير من الشباب ربما يرى فيه الاقتصاديون ــ مثلاً ــ نوعاً من التوفير المادي وزيادة المردود، ويرى فيه المتخصصون في الخدمات زيادة في الإنتاجية وتحكماً في الزمن، بينما أرى فيه نهضة جديدة لنشر الأخلاق الحميدة والفضائل الاجتماعية.

ربما لا يضع بعض المبتكرين في اعتبارهم أن ابتكاراتهم ستعزز قيمة أخلاقية في المجتمع، وكانت أهدافهم هي تطوير الجانب الخدمي أو الاقتصادي، وجاءت الفائدة الأخلاقية من ابتكاراتهم مصادفة، لكن علينا الآن، وفي دولة الإمارات التي تطمح إلى أن تقود فكر الابتكار، أن لا ننتظر المصادفات، بل نخطط، ليكون من أهداف كل مبتكر، وكل مطور للتكنولوجيا، وكل مستورد ومستخدم لها في الدولة، الإسهام بشكل أساسي في تعزيز أو بناء قيمة اجتماعية أو سلوك إيجابي، ولنعمل لنبتكر مفهوماً عصرياً جديداً للتكنولوجيا، يرتبط تعريفه بالقيم الأخلاقية والإنسانية.

saeed@uae.net

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر