5 دقائق

تاجر «النعل» الأرجنتينية!

د.سعيد المظلوم

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، تارةً بطعامه، وتارة بلباسه.

بلييك مايكوسكي شاب أميركي زار الأرجنتين لأول مرة في 2002 للمشاركة في سباق للسيارات. أعجب بلييك بهذه الدولة الأميركية الجنوبية فعادَ إليها بعد أربع سنوات (في 2006) سائحاً ومتطوعاً في الأعمال الإنسانية ـــ وهذه حال الكثير من الشباب الغربي ـــ حيث يغترب عن بلده لمدة أشهر ليساعد المحتاجين في الدول الفقيرة مكتسباً خبرات لا تقدر بثمن. في هذه الرحلة لاحظ بلييك أنّ الأرجنتينيين ينتعلون نعلاً مستلهمة من ثقافتهم وتراثهم فأعجب بها كثيراً، وكانوا يطلقون عليها اسم «آلباراغاتس». في الرحلة نفسها لاحظ هذا الشاب أن الكثير من أطفال هذا البلد لا يملكون حتى حذاء لأرجلهم وهم خارج البيت، ما يسبب لهم الكثير من الأمراض، وربما الانقطاع ـ بسببها ـ عن المدرسة لطلب العلم، وهنا كان القرار.

قرر بلييك أن يعمل على تطوير حذاء «آلباراغاتس» بأسلوبه الخاص وأطلق اسم «Toms» على ماركته الجديدة بالتعاون مع مصانع مختصة في هذا النوع في الأرجنتين متعهداً بأن يمنح حذاء للفقراء مع كل حذاء يبيعه. وكانت البداية مع المصنع بأن يقوم بتوريد 250 حذاء، وفي هذه الأثناء كتبت صحيفة لوس أنجلوس تايمز مقالاً عن مشروع هذا الشاب الأميركي فتضاعفت الطلبات لتصل إلى 10 آلاف حذاء في غضون أيام. وظلّ ملتزماً فلم يخلف وعده، إذْ تبرع بـ10 آلاف حذاء للأطفال الفقراء في الأرجنتين، وبعد الانطلاقة بعام واحد فقط (عام 2007) أطلقت شركته الوليدة حملة «حفاة ليوم واحد» مع كبرى الشركات، مثل: فليكر، وقناة ديسكفري؛ لتوعية الناس بشعور الطفل الفقير الذي لا يملك قوت يومه ولا ثمنَ حذاء يحميه من أذى الطريق. في عام 2012 وصل عدد الأحذية التي تبرعت بها «Toms» إلى مليوني حذاء في أكثر دول العالم فقراً (إفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية).

هل تتوقعون أن «تاجرَ النعل» اكتفى بذلك؟ الجواب: لا! بل توسع في عمله التجاري الداعم للمشروعات الإنسانية من خلال فتح خط إنتاج للنظارات، ومع كل نظارة يبيعها، يذهب جزء من الأرباح لعلاج مرضى العيون، ثم فتح خط إنتاج للقهوة، وخصص جزءاً من الأرباح لتوفير الماء الصحي للمحتاجين، وأخيراً ـ قبل عام فقط ـ أنتج حقيبة Toms الخاصة وجعلَ ريعها للفقيرات من النساء لتوفير رعاية صحية لهن عند الولادة.

تغريدة جميلة قرأتها من @Saraalrumikhani تقول: «الصدقة مش هَم تتخلص منه والسلامْ، الصدقة لها فن بينك وبين خلق الله لتكسب رضا الله!».

madhloom@hotmail.com

@Saeed_AlSuwaidi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر