5 دقائق

الوعي المجتمعي والقيمة المضافة

سعيد المقبالي

عندما تقدمت الإمارات مراكز عدة في طليعة دول العالم بمجالات شتى، لم يكن ذلك التقدم وليد جهود فردية لمؤسسة محددة، أو شخص بعينه، بل كان نتاج توجه قيادي واضح، وجهد جمعي لمؤسسات وطنية عديدة، تعاونت بالقدرات، وتبادلت المعلومات، وعملت في نسق واحد لتصحيح وسائل قياس مدخلاتها ومخرجاتها وأثرها، فكانت النتيجة وعياً مؤسسياً، ومن ثم نجاحات عالمية.

هكذا نريد أن نعمل أيضاً لتحقيق هدف «نشر الوعي المجتمعي بين الأفراد في دولة الإمارات العربية المتحدة»، وتالياً تحقيق قيمة مضافة للنجاحات المؤسسية.

تكاتف المؤسسات وتكاملها لتحقيق هذا الهدف أمر مُلحّ، بل هو حتمي لأي دولة مؤسسات، وذلك لأسباب عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: أن هناك العديد من الخدمات التي تقدمها مؤسسات مختلفة نجدها مترابطة، وفي كثير من الأحيان لا يكتمل حصول الفرد على إحدى تلك الخدمات إلا بعد مراجعته لمؤسسات عدة ذات اختصاصات مختلفة.

تلك المؤسسات وجدت لغاية خدمة المواطن والمقيم على أرض الدولة، والتنسيق والتكامل بينها ينعكس صورة حسنة وقيمة مضافة، خصوصاً إذا صاحب ذلك توعية وتثقيف للجمهور المستفيد، فإذا كان الجمهور يعي جيداً قوانين هذه المؤسسة والخدمات المقدمة له، وحقوقه ومسؤولياته؛ فسيسهم ذلك بشكل فعال في تحقيق أهداف عدة تنعكس مكاسب اجتماعية واقتصادية للدولة ككل، ولكن إذا أهمل هذا الدور وأصبح هدف نشر الوعي ضعيفاً لدى بعض المؤسسات، أو اتكلت بعضها على الأخرى، فقدنا هذه الحلقة المهمة؛ ومن ثم بانت الثغرات، وزادت العثرات، وهدرت الموارد، وضاعت الفرص والمكاسب.

وكما أن للمؤسسات دوراً كبيراً في نشر الوعي، فإن الأفراد تقع على عواتقهم مسؤولية أكبر بأهمية وعيهم المجتمعي، فهو واجب وطني يسهم في رقي المجتمع، وحماية المصالح الوطنية والاجتماعية والاقتصادية، ويعزز مكانة الدولة بين دول العالم المتحضر.

إن مبادرة الفرد للاطلاع على القوانين والتعليمات والإرشادات والتثقيف حولها بهدف الالتزام بها وحمايتها والمساهمة في نشرها وتثقيف الآخرين بها، وتمكين المؤسسات من تطبيقها، هي أمر ينم عن حسّ وطني عالٍ، وانعكاس لأحد ملامح الهوية الوطنية والولاء الوطني لدى أبناء هذا الوطن العزيز.

كما أننا نحتاج إلى التكاتف الجمعي والمساهمة كلٌّ من موقعه وبإمكاناته وأدواته، لنشر الوعي في المجالات المجتمعية كافة، وحول كل القوانين التي ترتبط بالفرد، وأدوات ذلك متاحة، بل يملكها الجميع، ولا نحتاج إلا إلى استخدامها وتوجيهها بالشكل الصحيح، فوسائل التواصل الاجتماعي خير وسيلة للوصول إلى النسبة الكبرى من الجمهور، ومن الخير أن نحول استخدامها إلى هذه الغاية.

فلنبدأ في تحويل حساباتنا في قنوات التواصل الاجتماعي إلى منابر للوعي المجتمعي، سواء كنا مؤسسات أو أفراداً، ولنتوقف عن الترويج لتوافه الموضوعات، والتشجيع على المفاسد.

لنبدأ في التحول من اللامبالاة بمحيطنا إلى الاهتمام به والتفاعل مع أفراده، ومساعدتهم على إدراك الحقوق والواجبات والفرص والمخاطر، وتمكينهم من الحصول على المعرفة واتقاء الجهل.

لا أتكلم هنا عن أمنيات بعيدة المنال، إنما هي خطوات ليس من الصعب علينا تنفيذها في دولة الإمارات التي تلهمنا إنجازاتها، ويلهمنا قادتها الذين يعملون ليل نهار لدعم قوة المجتمع ورصّ صفوفه، لوقايته من هوائم الشر التي تعصف بالكثير من المجتمعات؛ فليس صعباً أن نخطو تلك الخطوات البسيطة لنشر الوعي المجتمعي لنساند قادتنا في جهودهم لحمايتنا ولديمومة إنجازاتنا.

أخيراً..

الجهل عدونا الأول، وهو سبب انسياق الكثير من الشعوب خلف أوهام هوت بها إلى هاوية الضياع والتضاغن والحروب التي لا تنتهي، فلنحارب الجهل بالعمل المخلص الدؤوب على نشر الوعي المجتمعي؛ حمايةً لمواردنا، وللوصول إلى القيمة المضافة.

saeed@uae.net

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر