كل يوم

تذاكر وحقائب.. وجواز سفر منتهٍ!

سامي الريامي

كان غاضباً، ويبدو أنه دخل في عتاب مع موظفة الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، ثم خرج وبدأ بالشكوى وبصوتٍ مسموع «لم يتبقَّ سوى دقائق، وسيُغلق باب المغادرة، حتماً ستطير الطائرة من دوني ومن دون عائلتي، وهذا يعني أن برنامج سفري كله سيتدمر، سأفقد حجوزات الفندق، ولا أدري إن كنت سأجد حجزاً آخر على رحلة أخرى أم لا، خصوصاً أن الصيف بدأ والرحلات جميعها مملوءة ومكتظة بالركاب»!

تابع حديثه: «أكثر من نصف ساعة مرّت، والموظفة تؤكد أنها مجرد دقائق لإنهاء الجوازات، ترى ما الذي تفعله في كل هذا الوقت، عملياً لقد ضاعت عليَّ الرحلة، بسبب تأخر الموظفين في الإدارة؟ أين الجودة؟ وأين السرعة؟ وأين الأولوية في خدمة العميل؟ أين الشعارات التي نسمعها دائماً؟!».

الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب قدّمت خدمة تجديد جواز السفر في المطار، وجهّزت المكان بكل ما يلزم لتجديد الجواز في دقائق معدودة، ولم تعاتب الناس على نسيانهم.

شخصياً تعاطفت معه، وأظنكم كذلك، ولكن حتى تكتمل القصة فلابد من استكمال المشهد كاملاً، فلقد تعمدت تسليط الضوء على شكوى الرجل، من دون ذكر مكان هذه الشكوى، ولا حيثياتها، لأنها لو كانت في مقرّ الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في بر دبي، وفي ساعات الدوام الرسمية، لكان الأمر مختلفاً، لكنّ القصة هُنا، في مطار دبي الدولي، أمام فرع الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، ذلك المكان الفخم المملوء بمجموعة مميزة من المواطنين والمواطنات، يعملون على مدار الساعة، ليل نهار، لخدمة المواطنين والمقيمين.

والخدمة المطلوبة هي تجديد جواز السفر، فالرجل اكتشف، وغيره كثيرون، أن جوازات سفر العائلة جميعها منتهية الصلاحية، وتحتاج إلى تجديد، اكتشف ذلك أمام «كاونتر» شركة الطيران، قبل ساعات قليلة من الإقلاع، جهّز التذاكر، وأنهى حجوزات الفنادق، قبل فترة كافية، وجهّزت العائلة الحقائب، وكل مستلزمات السفر، ولم ينظر أي منهم إلى جواز سفره.

ومع ذلك، فإن الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب قدّمت خدمة تجديد جواز السفر في المطار، وجهّزت المكان بكل ما يلزم لتجديد الجواز في دقائق معدودة، لم تعاتب الناس على نسيانهم، ولم تفرض غرامات أو رسوماً إضافية، وقدّمت لهم خدمة غير مسبوقة، وغير موجودة، ولا يمكن تخيلها في أي مكان أو دولة في العالم.

ومع ذلك، فإن معظم الناس في هذا المكان يلومون الموظفين إن حدث تأخير ما غير مقصود، ولا يلومون أنفسهم إطلاقاً على النسيان والإهمال، بل يتناسون أن مثل هذه الخدمة الإبداعية وُجدت لأن الإدارة أرادت أن تخفّف عنهم صدمتهم، وتساعدهم على عدم ضياع وقتهم ومالهم، وتقدم لهم الخدمات المميزة في كل لحظة وساعة على مدار اليوم، لمعالجة أخطائهم.

هُناك أخطاء بشرية يُمكن معالجتها، لكن هناك أخطاء تقنية تتعلق بالأجهزة، وهذه غالباً ما تحتاج إلى وقت، حدث مثل هذا النوع من العُطل في جهاز طباعة الجوازات في ذلك اليوم، فتأخرت عمليات إصدار الجوازات، لكن ذلك لا يعني أبداً إهمال موظفين، أو سوء خدمة، فالخدمة المقدمة أصلاً هي رفاهية زائدة لا تقدمها الدول عادة في المطارات، بل إن تجديد جواز السفر في الظروف العادية يستغرق أياماً طويلة في بعض الدول، لكنه هُنا في الإمارات لا يتعدى دقائق معدودة، بل إن الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب توفر خدمة التجديد على مدار الساعة دون توقف في مطار دبي، ومنذ إطلاقها هذه الخدمة في عام 2014 جددت 4627 جواز سفر، معظم هؤلاء كانوا سيلغون رحلاتهم لو لم تتوافر هذه الخدمة!

فهل يستحق الموظفون والمسؤولون في الإدارة سوى التقدير والاحترام والشكر؟! وهل حان الوقت لأن ينظر كل منا إلى جواز سفره قبل أن يحجز تذكرة سفره؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر