مزاح.. ورماح

حمّى التحرّش..

أحمد حسن الزعبي

مجموعة صبية كفيلون بأن يجرّوا الوطن العربي من ناصيته إلى آخر طابور الأمم الحية، كلما شاركوا في حفلة جديدة للتحرش..

في زمنٍ ما كنا نعزو الانبهار بالمرأة ككائن «فضائي» إلى الكبت الاجتماعي، والضغط التربوي القاسي، والقيم التي كانت تعطى عنوة لا عن قناعة، مثل طعوم الحصبة، والكزاز والتيفوئيد، حتى أصبحت مشاهدة صورة امرأة مبتسمة على «باكيت مسحوق غسيل» إنجازاً يحتفى به في ذلك الوقت.. المبرر كان سهلاً في القرن الماضي إذا وقعت حادثة تحرش، أو محاولة تحرش، فالكبت يتحمل كامل المسؤولية الجنائية والاجتماعية، لكن الآن في هذه الأيام عندما وضعت التكنولوجيا كل شيء بين يديك، وعليك أن تنتقي فقط، الآن في زمن الانفتاح على كل شيء وأي شيء، لم تعد هناك شماعة نعلّق عليها بعض السلوكيات القطعية، خصوصاً بعد أن تبخر الكبت مع إشارات الـ«واي فاي».. على العكس تماماً صرنا نتمنى القليل من «الكبت» علّ العالم يعود إلى رشده وإنسانيته، وإلى أعماله المفيدة، بدلاً من الجري وراء المتع والتسلية والانسكاب في العالم الافتراضي..

**

التحرش لم يعد مربوطاً بالانفتاح والانغلاق، بقدر معرفة أغوار النفس الشرقية كيف نرى المرأة وبأي عين نبصرها.. الفريسة.. الضعيفة.. الشيطان.. السلعة.. المتعة.. درج الانتصار.. كل ما ذكر.. تخيّلوا أن واحدة من حوادث التحرش الأخيرة التي حدثت في مصر، انهال المتحرشون بالضرب على الفتاة المتحرّش بها، لقد اختلط عليهم الشعور كيف يتعاملون مع هذا «المخلوق» الذي ظهر فجأة على وجه الأرض.. يقتلونه أم يعشقونه، يلمسونه أم يحطمونه، كما أن التحرش لم يعد مربوطاً بالإثارة، ففي حادثة بمدينة جدة السعودية تحرش فيلق من الصبية بفتاتين ترتديان الملابس الشرعية الفضفاضة، وتغطيان وجهيهما بالكامل.. إذن أين المغري في الموضوع؟ ماذا على الفتاة أن تفعل حتى تحمي نفسها؟ هل عليها أن تتحزّم بقنابل مسيلة للدموع و«مولوتوف» ورصاص مطاطي.. بصراحة لا فائدة إنها العقلية الشرقية..

في اليابان يسرح الصبي بخياله قليلاً، فيخترع «روبوت».

في الوطن العربي يسرح الصبي بخياله قليلاً، فيخرج «مشهداً»!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر