كل يوم

تحرير الأسعار.. ومُراقبة التجّار

سامي الريامي

يُفترض ألا يؤثر قرار تحرير أسعار الوقود بشكل كبير ومرهق في ميزانيات الأُسر المواطنة والمقيمة، فالدولة وبشكل مؤكد وواضح لا تهدف إلى الإضرار بهم، كما لا تهدف إلى تحقيق أرباح، أو الاستفادة بأي شكل من الأشكال جراء اتخاذ هذا القرار، ولعل توقيت اختياره مع هبوط أسعار النفط العالمية خير تأكيد على ذلك، بل إن جميع التوقعات تشير إلى صعوبة ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى، ولمدة سنتين مقبلتين وربما أكثر.

«قرار تحرير أسعار الوقود لا يعني بالضرورة زيادات سعرية شهرية مطلقة، إنما تذبذبات مختلفة بين صعود وانخفاض، وفقاً لأسعار النفط العالمية».

هناك مُسببات حتمت على الحكومة اتخاذ قرار تحرير أسعار الوقود، وهي بلاشك أكبر وأشمل من تبسيط البعض للموضوع وتسطيحه، وأهم وأوسع من تقييد البعض الآخر للقرار وحصر النظر إليه من منظور ضيق بحت، وهو دراهم معدودة قد تزيد شهراً، وتعود لتنقص شهراً آخر، متجاهلين تماماً أن قرار تحرير أسعار الوقود لا يعني بالضرورة زيادات سعرية شهرية مطلقة، إنما تذبذبات مختلفة بين صعود وانخفاض، وفقاً لأسعار النفط العالمية، وهو أمر معروف ومطبق في معظم دول العالم، والأهم من ذلك تجاهُل مليارات الدراهم التي تخسرها الدولة، ومليارات أخرى تخسرها الشركات الوطنية الموزّعة للوقود، ومن المفترض الآن أن تعود هذه المليارات بالنفع على المواطنين والمجتمع، بعد أن تُضخ في اتجاهات التطوير وزيادة التنمية.

الإمارات، وحسب تقارير دولية، تدعم السلع من وقود وكهرباء ومياه بنحو 105 مليارات درهم سنوياً، وهذا رقم كبير جداً، ومن المهم جداً أن تتم إعادة استغلاله بشكل أفضل لصالح المواطنين وتنميتهم، وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، لصالحهم وصالح أبنائهم والأجيال المقبلة، فحكومة الإمارات لن توفر المال من أجل تكديسه أو الاحتفاظ به في البنوك لتحقيق فائدة مالية، لم نعتد ذلك من حكومتنا، بل اعتدنا منها مشروعات تطويرية مستمرة، وتنمية مستمرة، وخدمات راقية، ومفاجآت وإبداعاً مستمراً.

جميع المسؤولين وكثير من الخبراء أكدوا أن قرار التحرير لن يؤثر كثيراً في الميزانيات، كما أنه لن يتسبب إطلاقاً في ارتفاعات سعرية في بقية القطاعات الاقتصادية والتجارية، بل على العكس تماماً يُفترض أن الأسعار تبدأ تدريجياً في الانخفاض، وذلك لارتباط هذه القطاعات بالديزل، والديزل مرشحٌ للانخفاض.

لكن مع ذلك، ومن خلال تجارب سابقة، ومعرفتنا بعقليات ونفسيات كثير من التجار، فإن هذا الأمر تحديداً يحتاج إلى جهد حكومي أكبر، وتطمينات أكثر، ومراقبة حكومية واعية ودقيقة ومستمرة، فهؤلاء لا أمان لهم، والخوف كل الخوف أن يبدأوا ــ كعادتهم ــ في استغلال ذلك لمصالحهم ومطامعهم، وأن يستغلوا القرار لرفع الأسعار، رغم عدم وجود رابط بين القرار وسلعهم!

إن فعل بعض التجار ذلك، ورفعوا الأسعار، فإن التأثيرات السلبية ستزيد دون شك، وإن استطاعت الجهات المعنية منعهم من ذلك، والوقوف بحزم أمام محاولات استغلال القرار المتوقعة، فإن قرار تحرير أسعار الوقود لن يكون له تأثير كبير في مستويات الصرف لدى الأسر المواطنة والمقيمة، حيث إن النسبة المخصصة للصرف على المحروقات من ميزانيات الأُسر، وفقاً لإحصاءات حكومية، لا تتجاوز 3% من الدخل الشهري، ومهما بلغت الفروق السعرية المترتبة على قرار تحرير أسعار الوقود، فإن بقاءها في المعدل المقبول من إجمالي ميزانية الدخل الشهري أمر أكيد.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر