5 دقائق

القيم المؤسسية

الدكتور علاء جراد

تناولت في مقال الأسبوع الماضي موضوع الرؤية والرسالة وأهميتهما للمؤسسات والأفراد، وبناءً على رغبة قرائي الأعزاء الذين تفاعلوا مع المقال، يتناول مقال اليوم القيم المؤسسية التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالرؤية والرسالة، ويمكن أن تكون القوة الدافعة لتحقيق رؤية ورسالة المؤسسة. فالقيم بمثابة «الإسمنت» الذي يربط بين لبنات البناء المؤسسي، ويقويه، ويجعل جميع مكوناته متلاحمة ومتسقة من أجل تحقيق الهدف الذي تسعى إليه المؤسسة، لكن على الرغم من أهمية القيم للأفراد والمؤسسات، إلا أنها بمثابة الحاضر الغائب، فهي حاضرة جسداً متمثلاً في اللوحات والكتابات في كل مكان داخل المؤسسة، لكنها غائبة روحاً وتطبيقاً، بل على المستوى الفردي فإن القيم لدى البعض مجرد حديث للاستهلاك أو لتحقيق مآرب أخرى، لكن عند التطبيق فالحقيقة مغايرة تماماً للواقع.

«على الرغم من أهمية القيم للأفراد والمؤسسات، إلا أنها بمثابة الحاضر الغائب».

إن منظومة القيم المؤسسية هي الداعم الرئيس للرؤية المؤسسية، وهي التي تشكل «الوجدان» المؤسسي وتوجهه، وتجمع كل العاملين نحو الهدف نفسه.

إن القيم هي العنصر المحوري، وحجر الزاوية في تشكيل وصياغة ثقافة المؤسسة، فتصبح إما ثقافة تميز واهتمام بالموظفين ورعاية المتعاملين، أو تتحول إلى ثقافة حروب داخلية وصراعات شللية وجزر منعزلة، وكما هي الحال تبدأ المبادرات دائماً من الإدارة العليا، إلا أن الجميع مسؤول عن الالتزام بالقيم وفهمها وتطبيقها، وإن كان قياس مدى تبني القيم من التحديات التي تواجه المؤسسات، إلا أن هناك طريقة سلسة وعملية للتأكد من فهم الجميع للقيم وتبنيها، ألا وهي جعل القيم المؤسسية البند الأول في كل اجتماع، سواء أكان اجتماع قسم أو إدارة أو قطاع أو على مستوى القيادة العليا بالمؤسسة، بحيث تخصص خمس دقائق، يذكر خلالها بعض المجتمعين مثالاً عملياً يوضح كيفية تبنيهم للقيم، فهذا رئيس قسم قد أعطى يوم إجازة إضافياً لموظف قام بإنجاز مهمة ما بنجاح، فقام الموظف بإرسال رسالة شكر لزملائه في الفريق الذين ساعدوه على إنجاز المهمة، وذلك ترجمة لقيمة «التقدير والمكافأة».

الجدير بالذكر أن هناك ميزة في غاية الأهمية للتبني الحقيقي للقيم ألا وهي سهولة اتخاذ القرار، بمعنى لو أن المؤسسة تؤمن تماماً بمبادئ الجودة، ولا تقبل الجودة الرديئة، وكانت هناك حاجة لاتخاذ قرار مهم، بحيث أن أحد البدائل فيه له تأثير سلبي في جودة المنتجات أو الخدمات، فلا شك سيتم تجاهل هذا البديل واختيار البديل المرتبط بالجودة، وكذلك على المستوى الفردي، فعندما يعرف الإنسان القيم التي يؤمن بها لن يواجه صعوبة في اتخاذ أي قرار، مهما كانت صعوبة ذلك القرار، فهل يعرف كُلٌ مِنا قيّمُه؟

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر