كل يوم

مواجهة تغلغل «داعش» الإلكتروني.. صواب

سامي الريامي

التغلغل الداعشي الإلكتروني أمر خطير جداً، لا يمكن تخيل أبعاده السلبية والخطيرة في غسل عقول الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 14 عاماً وحتى الـ30، وكما أثبتت الدراسات والإحصاءات أن تنظيم داعش الإرهابي حقق نجاحات في حربه الإلكترونية تفوق ربما نجاحاته في الحروب الميدانية، لذلك فالمواجهة في هذه الساحة لا تقل أهمية أبداً، بل تزيد، عن مواجهة التنظيم عسكرياً وقصفه بالطائرات.

«داعش» يستخدم مجموعات كبيرة من الخبراء المختصين نفسياً وفكرياً في إعادة برمجة العقول، منتشرين بكثرة وبشكل منظم وفاعل في الفضاء الإلكتروني، ولعل استطاعة هؤلاء تجنيد شباب وفتيات من مختلف الدول العربية والغربية دليل واضح على خطورتهم في الاستقطاب والاستمالة والإقناع، لذا فإن أولى خطوات المواجهة الإلكترونية هي تخصيص خبراء أمنيين ونفسيين لتحليل المحادثات التي تدور عبر الإنترنت بين خبراء «داعش» النفسيين الإرهابيين والشباب المغرر بهم، تماماً كما اقترح الفريق ضاحي خلفان تميم خلال ندوة رمضانية عقدت الأسبوع الماضي،

«الإمارات أخذت على عاتقها إطلاق البداية، لأنها دائماً سباقة في دعم الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، لكن مسؤولية المواجهة الإلكترونية لن تقتصر عليها، فالجميع مسؤولون بدءاً من الأسر الصغيرة في كل بيت، وانتهاء بحكومات دول التحالف العالمي ضد تنظيم (داعش)».

لابد من تحليل الكلمات ونوعيتها، والأساليب وأنواعها، والأفكار التي تبث، والطرق والوسائل التي يتسللون بها إلى العقول، ولابد من تحليل نوعية الضحايا المستهدفين، وكيفية الإطاحة بهم، والوقوف على نقاط الضعف التي يستغلها التنظيم، ومن ثم وبعد جمع هذه المعلومات يتحتم وضع استراتيجية شاملة لمكافحة إرهاب «داعش» الإلكتروني، وإنقاذ الشباب من فخ هذه العصابة الخطيرة.

عين الصواب، هو ما قامت به دولة الإمارات، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية بإطلاق مركز «صواب» في أبوظبي، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني تهدف إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التنظيم، فالمركز يتطلع إلى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين، في جميع أنحاء العالم، ممن يرفضون ويقفون ضد الممارسات الإرهابية، والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم.

«صواب» سيعمل على تسخير وسائل التواصل والاتصال والإعلام الاجتماعي على الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح، وإتاحة أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة، التي غالباً ما تضيع وسط ضجيج الأفكار المغلوطة التي يروج لها أصحاب الفكر المتطرف.

المركز سيتعاون مع حكومات 63 بلداً مشاركاً في التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، كما سيعمل مع عامة الناس والمؤسسات والشركات والشباب، من أجل دحض عقيدة «داعش» التي تقوم في جوهرها على التعصب والكراهية والعنف.

خطوة إيجابية، بل ضرورية وفي غاية الأهمية، لمواجهة الإرهاب الإلكتروني والفكر المتطرف، ولتحقيق ودعم الاستقرار والأمن في المنطقة كافة، إضافة إلى المحافظة على الشباب، وتشكيل بداية ممنهجة وعلمية لاستعادة الفضاء الإلكتروني وتطهيره من المتشددين والإرهابيين المجرمين.

خطوة أولية، ولابد أن تتبعها خطوات كثيرة متوحدة وليست مبعثرة، لأن الخطر يدهم الجميع، ومواجهته لابد أن تتم بتضافر جميع الجهود المحلية والإقليمية والعالمية، فـ«الإنترنت» لا حدود لها، واستقطاب الشباب إلى أوكار «داعش» لا يقتصر على جنسية بعينها، هي حرب شاملة يشنها التنظيم على جميع الدول، وتالياً لابد من مواجهتها بشكل جماعي يشمل كل الدول، والإمارات أخذت على عاتقها إطلاق البداية، لأنها دائماً سباقة في دعم الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، لكن مسؤولية المواجهة الإلكترونية لن تقتصر عليها، فالجميع مسؤولون بدءاً من الأسر الصغيرة في كل بيت، وانتهاء بحكومات دول التحالف العالمي ضد تنظيم «داعش».

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر