كل يوم

تفكير إبداعي وحلول غير تقليدية لمواجهة التحديات

سامي الريامي

دخول دولة الإمارات عالم التقنية فائقة الجودة، وثورة العالم المستقبلية في عالم التصنيع، والمتمثلة في الطباعة ثلاثية الأبعاد، ليس ترفاً، وليس من أجل أهداف دعائية، بل هو حاجة ضرورية لتطوير الحياة في الدولة، وهو في الوقت ذاته أسلوب متطور جداً وغير تقليدي لمعالجة أهم المشكلات والتحديات التي تواجه الإمارات، وقبل ذلك كله هو انعكاس حقيقي لحالة التفكير الإبداعي الذي تمارسه الدولة في كل المجالات، وانعكاس أيضاً لمكانتها العالمية وسعيها الدؤوب نحو التطور واللحاق بالركب التقني العالمي.

السيارة والهاتف والطائرة كلها كانت أحلاماً، لكنها اليوم حقائق نتعامل معها بشكل يومي، واستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد هو اليوم حلمٌ أشبه بالخيال، لكنه حقيقة

الخبراء يشيرون إلى أن الأثر الحقيقي لتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد يكمن في قدرتها على تقليص كلفة البناء بنسبة تراوح بين 50 و70%، إضافة إلى تخفيض العمالة بنسبة تراوح بين 50 و80%، عدا عن تقليل نسبة النفايات الناجمة عن عمليات الإنشاء بنسبة تصل إلى 60%.

لاشك أن هذه النتائج المذهلة لهذه التكنولوجيا تنعكس إيجاباً على المردود الاقتصادي لقطاع الإنشاءات والبناء، وتسهم في تحقيق استدامة البيئة والموارد، لكن الأهم من ذلك بالنسبة للإمارات، امتلاك هذه التقنية الجديدة القدرة الفائقة على تقليل العمالة بنسبٍ كبيرة جداً، تسهم في التأثير الإيجابي على معضلة خلل التركيبة السكانية، التي تعانيها الإمارات منذ سنوات طويلة جداً، ولعل العمالة الإنشائية هي أكبر وأضخم الشرائح المتسببة في هذا الخلل، إذ تضم الدولة ملايين من هؤلاء العمال، وإن استطعنا تقليل تواجدهم بنسبٍ أقل حتى من المتوقع عبر استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في قطاع البناء، سنكون بذلك حققنا إنجازاً، وقطعنا شوطاً كبيراً في إيجاد حلول غير تقليدية لمشكلة غير تقليدية!

ليس في ذلك ابتعاد عن الواقع واقتراب من الخيال، فالسيارة والهاتف والطائرة كلها كانت أحلاماً، لكنها اليوم حقائق نتعامل معها بشكل يومي دون التفكير في أنها أمور أشبه بالخيال، واستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد هو اليوم حلمٌ أشبه بالخيال، لكنه حقيقة، والأهم أن الإمارات هي التي ستحول هذا الحُلم إلى واقع من خلال بناء مبنى مكتبي تبلغ مساحته 2000 قدم مربعة، وهو الأول من نوعه على مستوى العالم على الإطلاق، من ناحية استخدام هذه التقنية، وبهذا المستوى من التفاصيل الفنية للاستخدام الفعلي، إذ ستتم طباعة المكتب بالكامل باستخدام طابعة يبلغ ارتفاعها 20 قدماً، خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر فقط، كما ستتم طباعة كل مكونات الأثاث الداخلي والهيكل الخارجي بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد!

هذا المشروع سيجعل هذا المبنى الواقع بالقرب من المساحة المخصصة لمشروع «متحف المستقبل» الأكثر تطوراً في هذا المجال، ويجعل الإمارات رائدة وسباقة في استخدام هذه التكنولوجيا، وصاحبة الريادة في مجال الإنشاءات القائمة على الطباعة ثلاثية الأبعاد، مع التركيز على الهياكل الجديدة والتصميمات المبتكرة، وهذا من دون شك سينقلها إلى مرحلة متقدمة جداً من التطور التكنولوجي، وسيفتح لها المجال لزيادة استخدام هذه التقنية، وتطويعها لمعالجة مشكلاتها ومواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية والسكانية التي تواجهها في فترة زمنية ليست طويلة، وهذا هو التفكير الإبداعي في حل المشكلات عبر طرق ووسائل غير تقليدية ولا تخطر على بال بشر!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر