مزاح.. ورماح

أحمد الشقيري شكراً ثانية..

أحمد حسن الزعبي

ربما هو جنون من نوع خاص، أو هروب من النهايات، فقد تعوّدت منذ سنوات أن الرواية الأدبية الشيقة التي تمتّعني وتجذبني إلى كل فاصلة ونقطة وشَرطة، ألاّ أكملها وأبقي منها آخر صفحات الخاتمة دون قراءة، علّي أترك خيطاً وهمياً من الشوق لا ينقطع بيني وبين هذا الجمال.. لذا كنت أبقي النهايات مفتوحة مجمّداً آخر الأحداث ومصائر الأبطال عند طي الصفحة التي أقرر فيها التوقف عن القراءة.

«خواطر».. هذا البرنامج الذي استطاع أن يصطادني منذ أجزائه الأولى، كما استطاع أن يصطاد ملايين المشاهدين على مدار أحد عشر عاماً سابقة.. يعلن هو الآخر كما الرواية الشيقة عن فصله الأخير.. كما أعلن مقدّمه وصاحب فكرته المتميز أحمد الشقيري في أولى حلقاته لهذا الموسم.

ليس من السهل أن تقدم أحد عشر جزءاً متواصلاً بنحو 330 حلقة تلفزيونية، و330 فكرة جديدة، وقضية جديدة، وحلولاً جديدة، ليس من السهل أن تواجه الاستمرار بالنجاح.. بأن تضع الإصبع على الخلل في المنظومة الإنسانية، قبل أن تضع الإصبع الخلل على المنظومة الاجتماعية أو السياسية، فالبداية الإنسان، والبذرة الأولى لشجرة الكون هي الإنسان، هو النجاح الحقيقي، فمن لم يبدأ به لن ينتهي إلى غيره حتماً.

العام الماضي كتبت في هذه الزاوية مقالاً بعنوان أحمد الشقيري شكراً.. قدّمت من خلاله جزءاً بسيطاً من الشكر الذي يستحقه، على جرعة الوعي التي أصر أن يعطينا إياها بشجاعة، رغم كل وجبات التغييب الدسمة والإسفاف، التي تقدّم لنا على شاشاتنا المختلفة، ولعل الجرعة دائماً ما تعطى بــ«السي سي» والوجبات بالكيلو.. لأن الأولى شافية والثانية قاتلة.

شكراً لأحمد الشقيري ولفريق برنامج «خواطر» عموماً، لأنكم حوّلتم الكرة الأرضية إلى «كبسولة» نتناولها كلما شعرنا بدوار التخلف، والنكوص، والابتعاد عن إنسانيتنا وفطرتنا، التي جبلنا عليها.. شكراً أحمد الشقيري ثانية.. لأنكم حاولتم إيصال الرسالة من مختلف بقاع الأرض، فقط لتقولوا إن الإرادة تسبق الإدارة.. فإن لم توجد الأولى حتماً لن نحظى بالثانية.. شكراً لأننا عرفنا كيف نفكر ويفكر الآخر.. كيف نعيش وكيف يعيش الآخر.. كيف نكون جزءاً من الوطن.. وكيف يكون الوطن جزءاً منهم.. شكراً لأن المقارنات والمقاربات وضعتنا في منتصف درج التنمية.. إما يغرينا سهم الصعود فنرتفع.. أو نستسهل سهم النزول فنتراجع.

«خواطر».. ما قصّرتم.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر