مزاح.. ورماح

عمامة الدّم

أحمد حسن الزعبي

ما الفرق بين من ينوي سرقة منزل مُصرَّاً على الدخول برجله اليمنى، من باب السُنة، مناجياً: يا رب توكّلت عليك، وآخر دعا قائلاً: «اللهم بارك لنا في ما رزقتنا»، قبل الشروع في الاغتصاب، أو من يدعو «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله»، وهو يفطر على خمر بعد صيام يوم كامل، وبين من يفجّر مسجداً للمتعبدين، بهدف التقرب إلى الله؟!

كيف لك أن تتقرب إلى الله بأن تفجّر بيته؟ كيف؟ كيف لك أن تتوضأ بإبريق الدم، وتصلي في محراب الموت؟ ثم من أنت لتقطع صلة عبد بربّه، لم تصلها حتى تقطعها، ولم توكل بها لتنهيها، ولم تدخل وسيطاً أو «وكيلاً» حصرياً حتى تحتكر إيمانك وحدك وتوزّعه على من تحب، وكيفما تحب؟ فقط نريد أن نعرف كيف يجرأون على تحدّي الله فيه! بكل هذا اللؤم والوحشية والظلامية والقلوب المغلفة بغلاف السواد المطبق حتى تسوّغ لهم أعمالهم.

أمس في السعودية، واليوم في الكويت، وغداً لا ندري أين الهدف المقبل، لكن حتماً لن تتوقف السلسلة اللئيمة قبل أن تفرغ المساجد من العابدين، وتتحول إلى صدى تسابيح وذكر قديم، يسكنها الصمت والفراغ والخوف، وربما البداية جاءت من تونس، حيث أغلق أكثر من 80 مسجداً اعتبرت خارج سيطرة الدولة، والبقية ستأتي إن استمرت الأحزمة الناسفة تطال الراكعين في ركوعهم.

سؤالنا القديم الجديد، منذ أن اُحتل نصف العراق في غضون أيام، ومثله سورية، وكانت تفتح لها المدن، وتسلم المراكز والأسلحة من دون مقاومة أو دفاع عن هيبة وطن، ونحن ننفخ في السؤال ذاته: من خلفهم؟ من وراء من يقتل طفلاً اغتسل فرحاً يوم الجمعة، وعطّرته أمه، وألبسته ثوب الناسكين، وأرسلته ليصلي للخالق الواحد الأحد؟ من وراء من يقتل شيخاً مسناً، ألبسه العمر عباءة السكينة، «مسبحته» في جيبه، وإيمانه في قلبه؟ من يسعى ليجعل الوطن الكبير موقع تفجير، والمواطن العربي خبراً عاجلاً، والموت قدراً عاجلاً، والفوضى هدفاً عاجلاً؟ من يسعى إلى لف الوطن العربي بـ«قصدير الأكفان»، وتسليمه «ديليفري» إلى «إسرائيل»؟ من؟

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر