كل يوم

نحتاج إلى حوارٍ مع الأجيال المقبلة..

سامي الريامي

مكافحة الفكر «الداعشي» واجب وضرورة، ومواجهة التكفيريين ضرورة حياتية لأنهم ضد الحياة، وضد الإنسانية، وضد السلام والتعايش مع الآخر، هم ضد جميع البشر، وضد جميع الأفكار والأديان، بما فيها الدين الإسلامي، بل هم أشد أعداء هذا الدين، وأسهموا في تشويه صورته وتحريفه بطريقة لم يشهدها التاريخ من قبل.

«المواجهة يجب أن تكون مدروسة، بحيث يتم احتواء الشباب واحتضانهم في حاضنات آمنة، واستغلال أوقات فراغهم في أشياء مفيدة، بل يجب العمل لمنع وجود وقت فراغ ضائع غير مفيد، فمنه يمكن أن يبدأ خيط (الدواعش) بالعمل».

مواجهة هذا الفكر لن تنجح أبداً بشكل فردي، ولن تستطيع مؤسسة أو جهة أو حتى دولة بمفردها حماية الشباب من تغلغل هذا الفكر المتطرف إلى البيوت والعقول، لذلك لابد من استراتيجيات، وخطط، ومبادرات، وتضافر وتعاون، من أجل تشكيل حائط صد منيع ضد هذا الفكر المدمّر للأفراد والدول.

الإعلام مطالب بتحمل مسؤولياته، والإعلام هنا يعني جميع الوسائل والطرق والأدوات من دون تحديد، لذلك وبغض النظر عن الضجة والجدل حول «سيلفي» ناصر القصبي، إلا أنه اجتهد وحاول وأدى دوره وواجبه كفنان له جمهوره وتأثيره في كشف حقيقة تنظيم «داعش» ووحشيته، والضلال الذي يعيش فيه، وهو بذلك قدم ما لم يحاول أحد آخر من الممثلين تقديمه، فله شرف المحاولة، وله أجر الاجتهاد.

مجتمعاتنا تحتاج إلى جهد كل فرد، وكل كاتب، وكل رجل دين، وكل إعلامي، وكل رياضي، وكل معلم لنبذ هذا الفكر، ومكافحته ومحاصرته، فهو أحد أشد الأخطار وأكبرها التي تواجه شبابنا ومجتمعاتنا، وهو خلايا سرطانية تدمّر العقول، ومن ثم تدمر الأوطان، خلايا سرطانية في نفوسٍ مريضة حاقدة على المجتمعات الآمنة، وترى أن كل من يخالفهم الرأي مهما كان دينه أو مذهبه يستحق النحر، وكل الشعوب والحكومات كافرة وتستحق الإبادة، أي دين هذا؟! وأي فكر؟ وأي مرض عقلي يجعل صاحبه يقتنع بمثل هذه الآراء؟!

الفكر «الداعشي» ليس محصوراً في منطقة معينة، بل هو منتشر في عقولٍ مريضة، في كل الدول، عربية وأجنبية، وهناك خطط وبرامج وجيوش إلكترونية تُسهم في نشره، وتسعى إلى استقطاب الشباب والفتيات في أعمار صغيرة، مُدركين جيداً أن هذه الأعمار يسهُل إقناعها والسيطرة عليها، ويسُهل التحكم فيها عاطفياً، كما يسهل إغراؤها بوسائل مختلفة، مثل المال أو حب المغامرة، أو بحكايات عن واقع افتراضي خيالي لا يجدونه أبداً فور وقوعهم في الفخ والشَّرَك!

هذا الخطر، وهذه الخطط، وهذه الجيوش الإلكترونية، لن تهزمها الطائرات والأسلحة، ولا يمكن أن تواجه بجيوش مسلحة، بل إن المواجهة والمكافحة تبدآن بتحصين الشباب، وملء أدمغتهم بالأفكار الحضارية، وزرع مبادئ الإسلام الوسطي المعتدل، ذلك الدين الذي سيطر على العالم بالمعاملة الحسنة لا بالسيف والقتل.

المواجهة يجب أن تكون مدروسة، بحيث يتم احتواء الشباب واحتضانهم في حاضنات آمنة، واستغلال أوقات فراغهم في أشياء مفيدة، بل يجب العمل لمنع وجود وقت فراغ ضائع غير مفيد، فمنه يمكن أن يبدأ خيط «الدواعش» بالعمل، نحتاج إلى جهد الجميع لإيضاح حقيقة «داعش» و«الداعشيين» لكل صغير وكبير، ونحتاج إلى أن نفضح ممارساتهم، ونرد على حججهم وأفكارهم المريضة، ونحتاج إلى أن نقنع الشباب بوسائل وأساليب حديثة، تناسب التطور التقني الذي يمرون به، ونبتعد عن الرتابة والملل والأساليب التقليدية القديمة، ونحتاج إلى برامج ومسلسلات وحلقات إذاعية وتلفزيونية، ونحتاج إلى كل ناشط وفاعل على التواصل الاجتماعي، ونحتاج إلى أن نتحاور أكثر وأكثر مع أجيالنا المقبلة، فالحوار هو أداة فاعلة من أدوات مواجهة «داعش»، لذلك فهم يكرهون الحوار، ويتخذون لغة النحر والقتل والترويع بديلاً عنه!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر