5 دقائق

الإبداع يبدأ في الحمّام

الدكتور علاء جراد

يدين العالم لبعض الأشخاص الذين أتوا بأفكار إبداعية مبتكرة لحل مشكلات البشرية وجعل حياتنا أفضل، نحن مدينون لأديسون وابن حيان ونيوتن وكاريير وجي جي واتسون وابن النفيس، والآلاف من الأشخاص المبدعين الذين لولاهم لكان الإنسان مازال يعيش بطريقة بدائية. كيف جاء هؤلاء بأفكارهم؟ وما الإبداع؟ وما الفرق بينه وبين الابتكار؟ وكيف تحول الإبداع إلى صناعة تصل إلى ملايين المليارات؟ وما المطلوب حتى تتحول مؤسساتنا لبيئات عمل إبداعية؟ بدايةً الفرق بين الابتكار والإبداع: الابتكار هو توليد أفكار جديدة، أما الإبداع فهو تحويل الأفكار إلى منتجات أو خدمات ذات قيمة مضافة.

معظم الأفكار لا تأتي عندما نبحث عنها، لكنها تأتي عندما ننعزل عن الآخرين.

متى وأين تولد الأفكار؟ تشير الدراسات إلى أن الأفكار تأتي بالترتيب: 1- أثناء المشي، 2- أثناء الاستحمام، 3- أثناء السفر خصوصاً بالطائرة، 4- عندما نستيقظ أو قبل النوم، 5- خلال الحديث مع الأصدقاء. الخلاصة هي أن معظم الأفكار لا تأتي عندما نبحث عنها، لكنها تأتي عندما ننعزل عن الآخرين، ويأخذنا ذلك لسؤال عن مدى جدوى تخصيص مكان معين في المؤسسات للإبداع أو الأفكار، حسب الدراسات فإن الأهم من تخصيص مكان للإبداع هو تهيئة بيئة العمل ككل من ناحية التهوية، والنظافة، والإضاءة والديكور، لكن الأكثر أهمية هو تهيئة البيئة النفسية للموظفين وتحفيزهم وتقديرهم، وتأهيل المديرين التأهيل العلمي وتدريبهم على الأساليب الإدارية الحديثة، وليس مجرد دورات مكررة خالية من المحتوى العلمي والمعرفي.

خطوة البداية للإبداع في مؤسساتنا هي فتح الباب أمام الموظفين لتقديم أفكارهم وتنفيذها، والتأكد من توافر القدرة والرغبة على تنفيذ الأفكار التي يتم اختيارها، ويتطلب ذلك توفير الميزانية اللازمة وتقديم التدريب الحقيقي والفعال في صناعة وإدارة وقياس الإبداع، وليس التدريب المقتصر على الأبجديات والتعريفات. على مستوى المؤسسات يمكن الاستفادة بالمنظومة التي وضعتها «المفوضية الأوروبية للمعايير» CEN ورقمها 16555، وتتكون من ستة أجزاء هي: 1- نظام إدارة الإبداع، 2- إدارة المعلومات الاستراتيجية، 3- التفكير الإبداعي، 4- إدارة الملكية الفكرية، 5- الإدارة التكاملية، 6- إدارة الابتكار، كما أنشأ الاتحاد الأوروبي «أكاديمية إدارة الإبداع» في عام 2006، التي تقدم الكثير من الحلول العملية والإبداعية. أما على مستوى الأفراد فلابد من توثيق الأفكار فور ولادتها، فالفكرة إن لم يتم توثيقها خلال 180 ثانية فقد تموت للأبد، وتذكر أن ما يُحدث التغيير هو اقتران الأفكار بالأفعال، وليست الأفكار وحدها. وختاماً أشكركم لأن رسائلكم وتعليقاتكم تساعدني، كما أشكر صديقي الذي كان لحواري معه الفضل في بلورة فكرة هذا المقال.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر