حديث الاقتصاد

عن العنف والاقتصاد وسطوة النجومية

زينة صوفان

كانت الأمور تسير على ما يرام في برنامج آخر من برامج الجماهير والمتسابقين في عطلة نهاية الأسبوع، كان الجميع يسبح في تموجات الإضاءة الملونة، والديكورات الذهبية، التي بات ارتفاع كلفتها مكوناً أساسياً في الحكم على جودة برامج الترفيه على امتداد الشاشات العربية.

كلما حققت المجتمعات قدراً أعلى من التوازن بين الجنسين، حققت بدورها مستويات أعلى من الرخاء الاقتصادي.

يعنينا بشكل أساسي أن ننبه إلى حجم الخطر المتسلل عبر هذه «السقطات» المباشرة على مسيرة التنمية وتمكين المرأة في مجتمعاتنا.

ومن دون مقدمات تنذر بأن عاصفة ما تلوح في الأفق، باشر أحد الحكام مداخلة جعل يفرد فيها عضلات نجوميته عضلة عضلة، رفع «سيف» شهرته في وجه سيدة تجلس قباله، وانهال عليها تعنيفاً، بينما «كورال» المشاهدين يحييه بتصفيق حار، على غرار ما يختبر المرء من جماهير مصارعة الثيران الإسبانية.

على الطاولة نصف الدائرية في صدر «الاستديو»، كانت السيدة هادئة الملامح تشاهد سقوط حلفائها وتحولها إلى ضحية من جديد. صفقت جارتها حين قال المذيع إن الإهانة الحقيقية لا تكمن في ضرب الزوج لامرأته، وإنما في حديثها عن الأمر أمام المشاهدين.

جهدت كي لا تموت الابتسامة على شفتيها، بينما الرجل يرفع سبابته في وجهها، مؤكداً أن المجتمع الذي نعيش فيه ليس مجتمعاً ذكورياً. كانت نظراتها التي التقطتها عدسات الكاميرا عن قرب، تنم عن خواء مختلط بصدمة، لعلها كانت تسترجع مشاعر القهر التي داستها مراراً في بيت الزوجية، وتدوسها اليوم في حضرة الملايين.

لا يعنينا من قال ماذا في ما بعد في سياق البرنامج، يعنينا بشكل أساسي أن ننبه إلى حجم الخطر المتسلل عبر هذه «السقطات» على الهواء على مسيرة التنمية، وتمكين المرأة في مجتمعاتنا.

تقول الدراسات إن المجتمعات كلما حققت قدراً أعلى من التوازن بين الجنسين، حققت بدورها مستويات أعلى من الرخاء الاقتصادي.

ويبدأ التوازن من القوانين المجتمعية وصولاً إلى قوانين سوق العمل.

ولا عجب بأن الهوّة بين الجنسين على صعيد المشاركة في القوى العاملة، تبدأ نسبتها بـ12% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتبلغ أقصاها عند 50% في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بحسب صندوق النقد الدولي.

وبحسب شركة «بوز آند كومباني» العالمية للاستشارات، فإن من شأن تمكين المرأة وجعل حضورها في سوق العمل بمستوى حضور الذكور، رفع الناتج المحلي بنسبة 34% في بلد مثل مصر على سبيل المثال.

وتبيّن «فوربس» أن ثمانية ملايين يوم مدفوع الأجر يضيع سنوياً في سوق العمل الأميركي نتيجة العنف المنزلي، بينما تبلغ الفاتورة الإجمالية لهذا العنف 8.3 مليارات دولار سنوياً في الولايات المتحدة.

وأخيراً، صدرت عن جامعة «ستانفورد» دراسة حديثة أكدت أن عدد الناس الذين يموتون في حوادث عنف شخصية أو عنف أسري تتجاوز عدد أولئك الذين يقضون في الحروب الأهلية.

twitter@zeina_soufan

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها . 

 

 

تويتر