مزاح.. ورماح

مطلوب مسلسل صعيدي..

أحمد حسن الزعبي

قد لا أبالغ إن قلت إن آخر مسلسل عربي قد شدّني للمتابعة كان قبل خمس أو ست سنوات، وبعد ذلك لم أعد أرى ما يستفزني أو يشوّقني لاستكمال القصة، لأنه لم يعد هناك قصة بالأصل.

الدراما الأصيلة كانت قريبة من المشاهد، تتقاطع شخوصها مع الواقع، تشعر أنك أحد أركان المسلسل من دون أن تشعر أو تخطط لذلك، فالحبكة مشغولة جيداً والإخراج رغم تقنياته المتواضعة مدروس، والشخوص يؤدون أدوارهم بمنتهى الحرفية، وأحياناً يضربك الهوس فتصبح «صلاح السعدني» في لحظة ما، وتقلد طريقة كلامه من دون أن تشعر.

لقد مللنا التركي المدبلج، ومللنا العربي المؤدلج، ومللنا التقليد من نسخ ولصق للقضايا المكررة من حب وزواج وخيانة زوجية، وبرجوازية طاغية لم يجرّبها 99% من سكان الوطن العربي، نشتاق لتلك اللهجة الصعيدية المدهشة، لسمرة الوجوه، للأثواب عريضة الأكمام، واللفة البيضاء، اشتقت أن أرى بيتاً فلاحياً من الطين بصعيد مصر، و«سوسن بدر» تعجن الطحين في قاع البيت، وحولها عشّة حمام.. وصوت العمدة خارجاً «يتنحنح» قبل دخول الدوار.. اشتقنا أن نسمع المفردات التي عشنا وتربينا عليها.. «الترعة» والجاموس، والغيط، والاختلاف على فدادين الأرض، وطمع ابن العمدة بــ«زُهرة».. مين «زهرة» مش عارف! لكن هكذا كانت تجري أحداث المسلسل.. صوت الحمام في خلفية نقاش بين الابن وامه بعيداً عن الأب.. و«قلّة» الماء، وصوت صراصير الليل أثناء خروجهم من المسجد في صلاة الفجر.. نفتقد هذه اليوميات التي كانت تترجم تفاصيل حياتنا الصغيرة عبر مسلسلات درامية واقعية، منذ أن ضاعت بساطتنا وطبيعتنا وحضارتنا وعاداتنا ضاعت هويتنا، حتى الفقر والمعاناة والعادات العتيقة، إذا ما كانت أصيلة وواقعية تبدو جميلة لأنها تؤرخ لمرحلة ولمكان ولأمة..

لذا أتمنى على أي قارئ يرصد مسلسلاً صعيدياً هذا العام أن يبلغني باسم الفضائية والتردد على «الإيميل» أدناه وله جائزة قيّمة.. باكيت «لبن أب»!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر