كل يوم

تشديد العقوبة ضد مغتصبي الأطفال.. أمرٌ ضروري

سامي الريامي

لا اعتراض على أحكام القضاء، هذا أمر مفروغ منه، فالمحكمة لديها من المعلومات والأدلة والبراهين ما لا يملكه أحد، وتالياً فإن أحكامها تكون وفقاً لأمور كثيرة، لا يفقهها الإنسان العادي، وهذه التفاصيل الدقيقة تختلف من قضية لأخرى، حتى وإن كان تصنيفها واحداً كما هو ظاهر.

تغليظ العقوبة على مرتكبي جريمة الاغتصاب أمر لا يختلف عليه اثنان، فهي جريمة بشعة للغاية، ولا يستحق مرتكبها أي تعاطف أو رحمة، مهما كانت حجته أو موقعه.

هذه المقدمة ضرورية جداً، ويجب ألا يتم فصلها أبداً عن بقية فقرات المقال، فالأحكام القضائية مهما تفاعل معها المجتمع، مؤيداً أو معارضاً، تظل تحمل في طياتها طابعاً أشبه بالقدسية، فيجب عدم التشكيك فيها، أو انتقادها، أو الاعتراض عليها، لسبب بسيط هو أن ما لدى القاضي من معلومات وتفاصيل وحيثيات وأسباب، لا يمكن أن تجدها لدى أحد غيره، لذا فحكمه أشمل وأدق!

ومن هنا أيضاً أختلف تماماً، وأتفق تماماً أيضاً في الوقت نفسه، مع ذلك المواطن الذي اتصل بمركز معلومات أبوظبي، معترضاً على حكم المحكمة بسجن لاعب كرة اغتصب طفلاً قاصراً لمدة عام واحد، مطالباً بتغليظ العقوبة على هذا النوع من الجرائم لحد الإعدام.

لا يحق لنا الاعتراض على حكم محكمة، وهذا فقط خلافي معه، لأننا لا نملك معلومات وتفاصيل عنها، وفي ما عدا ذلك فإن تغليظ العقوبة على مرتكبي جريمة الاغتصاب ضد القُصّر تحديداً، أمر ضروري لا يختلف عليه اثنان، فهي جريمة بشعة للغاية، ولا يستحق مرتكبها أي تعاطف أو رحمة، مهما كانت حجته أو موقعه.

ما حدث في القضية المعنية شيء خطير، شيء صادم للمجتمع، والخطورة تكمن في نواحٍ عديدة، فبالإضافة إلى الفعل الإجرامي نفسه، وهو الاغتصاب، هناك جريمةٌ أكبر هي اغتصاب قاصر، وهناك ترويع للأهالي وأولياء الأمور، الذين يأتمنون نوادي رياضية على أبنائهم بهدف صقل مواهبهم، وتنمية قدراتهم، واستغلال أوقاتهم في رياضات مفيدة، وإذ بمن يأتي ليحطم مستقبل هؤلاء الأطفال، ويتسبب في زرع شيء من عدم الثقة المستقبلية بين المجتمع والأندية الرياضية، إنها تفاصيل مروعة، لها آثار سلبية مدمرة في اتجاهات عدة.

من هنا كانت ردة الفعل المجتمعية، ولذلك ارتعب أولياء الأمور، وإدارات الأندية على حد سواء، ومن هنا نطالب كما طالب ذلك المواطن، وكما يطالب جميع الأهالي، بضرورة وضع الضوابط والإجراءات الكفيلة بعدم تكرار مثل هذه الجريمة أولاً، وبتشديد العقوبة في جرائم اغتصاب الأطفال ثانياً، ولأقصى حدّ ممكن.

العقاب يجب أن يكون مشدداً لأبعد درجة، حتى يكون رادعاً بمعنى الكلمة للمجرم وغيره، وحتى لا يكون باب الرحمة والعطف هو باب موازٍ لانتشار هذا النوع من الجرائم، وباب لدخول مزيد من الأطفال الضحايا، فحماية هؤلاء الأطفال مسؤولية يتحملها جميع أفراد المجتمع دون تمييز، كلٌ حسب موقعه ومكانه.

تشديد العقوبة ضد مغتصبي الأطفال هو توجه عالمي، وكثير من دول العالم تتشدّد، أو تعمل حالياً على تعديل قوانينها في اتجاه التشديد على هذه الجريمة تحديداً، ويتساوى في ذلك دول العالم الأول مع العالمين الثاني والثالث، والجميع يريد القضاء أو التقليل من هذه الجريمة البشعة، ففي الولايات المتحدة الأميركية تصل العقوبة إلى السجن المؤبد والغرامة إلى ربع مليون دولار، وفي السعودية السجن خمس سنوات والغرامة نصف مليون ريال، وفي السويد هناك تعديلات لرفع مدة السجن إلى عشرة أعوام، أما في جمهورية التشيك فهناك عقوبة مشددة للغاية، وهي اتباع طريقة الإخصاء الجراحي والكيميائي ضد مرتكبي جرائم اغتصاب الأطفال!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر