السموحة

بلاتر.. انقلب السحر

أحمد أبو الشايب

كأننا نشاهد فيلماً «هندياً» أو أحد أفلام هوليوود، تتسارع الأحداث وتتناقض أيضاً في كل لحظة، مرة يقول بلاتر إنه المسؤول عن الشكوى المقدمة إلى القضاء السويسري، ثم يؤكد ذلك المتحدث الرسمي باسم «الفيفا»، مشيراً بصوت عالٍ إلى أن إمبراطور كرة القدم وموكله في الانتخابات، قادر على اجتثاث الفساد من أكبر منظمة كروية، ثم يخفض صوته، ويقول في باطن الحديث: «بشرط أن تمنحوه أصواتكم، إذا رغبتم في الخروج من هذه الأزمة»، وتارة يخرج إلينا أحدهم ويقول إنه من سلّم الوثائق إلى السلطات الأميركية وهدفه بلاتر، وحتى الآن لم نكتشف المسؤول الحقيقي والمنطقي والمقنع في تحريك «الدنيا» فوق رؤوس مسؤولي «الفيفا»، وربما يظهر في الأيام المقبلة.

هل تقدّم بلاتر في السن، وأصيب بـ«الزهايمر»، وبات لا يركز في حَبْك وتسلسل الأحداث بشكل منطقي يقنع العالم؟!

أزمة «الفيفا» تفجّرت، وهي ليست المرة الأولى التي يقع فيها مجلس إدارة بلاتر في أزمة، لكن الأسئلة التي تبحث عن إجابات مازالت غامضة لكل العالم، وفيها جزئيات غير مرئية لأحد، منها سبب توقيت الأزمة رغم أن ملفها موجود لدى الولايات المتحدة منذ 24 عاماً، على حد زعمهم، كما أن أميركا تقول إن ملفي روسيا 2018 وقطر 2022، ليست لهما علاقة بالتحقيقات، فيما تؤكد سويسرا أن هذين المونديالين محوريان في القضية المرفوعة لديه، وإذا كان هذا صحيحاً، فكيف يدعي بلاتر أنه أغلق ملف الفساد المتعلق بقطر وروسيا، وقام بتحديد موعد جديد للمونديال في الدوحة بعد ترحيله من أوقات الحرارة؟ ثم يذهب ويشتكي عليهما جنائياً في زيوريخ.

هل تقدّم بلاتر في السن، وأصيب بـ«الزهايمر»، وبات لا يركز في حَبْك وتسلسل الأحداث بشكل منطقي يقنع العالم، أم وصل إلى مرحلة عالية من الذكاء الذي يفوق عقولنا، أم انقلب السحر على الساحر نتيجة ردة فعله الشرسة، دفاعاً عن عرش إمبراطوريته؟!

المعركة بدأت، في حال أقيمت الانتخابات اليوم أم تأجلت، والكل يرغب في السباحة في فَلكها، والاستفادة من غنائمها، وينظر إليها من زاويته، فمنهم من يعتقد أن «الألعوبة» ستنتهي بفوز بلاتر كونه «الأزمة والحل»، وآخرون يرون أن الرجل كتب السطر الأخير بيده، وعليه الانسحاب لحفظ ماء وجهه، لأن الزمن لم يعد زمانه، أوروبا التي دعمته في 2011 تخلت عنه وتخلى عنها، بعدما باع صديقه بلاتيني، ويالها من لحظة نعيشها ولم أتوقعها يوماً أن نجد القارة العجوز «ترفس» مرشحها العجوز، وتخرج كل صحفها تقول «يسقط بلاتر»، وتدعم مرشحاً عربياً.

أميركا تتعامل مع الأزمة من منظورها، لأن الفساد حصل على أرضها، وروسيا تقول إن أميركا تود فرض كلمتها على منظمة عالمية، وإسرائيل تود خلط أوراق قضيتها مع الفساد في ملف قطر على حد زعمها، حتى تجهض الطلب الفلسطيني «بطردها من (الفيفا)» إذا حصل على أغلبية.

أما آسيا فلم أجد سبباً أو مصلحة لتمسكها بدعم شخصية انهارت أمام المجتمع الدولي، وأصدرت بياناً يؤكد ثبات موقفها، لنجد الأمر مجرد شعار لا أكثر بعد إعلان رئيس الاتحاد الأسترالي رسمياً دعم الأمير علي.

المسرحية طويلة ولن تنتهي، والمفاجآت ستتوالى اليوم، وكل ما أطلبه من رؤساء الاتحادات العربية التفكير في مصالح بلادهم من هذه الانتخابات.. والله يستر.

shayebbb@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر