حديث الاقتصاد

لا تضع المشط في فمك!

زينة صوفان

حين تتهيأ الشمس للغروب، ويستحيل الفضاء تموجات من نحاس وذهب، تتصاعد مع أبخرة المياه المالحة قصص الزمن القديم، وتتماوج في الأفق ظلال فلسطين.. لا يمكن للمرء أن يطلب المزيد.. نظرياً!

نظام Net Promoter Score يرتكز على درجة يعطيها الزبون لمزود الخدمة حين يسأله الأخير عن مدى رغبته في تقديم توصية به لأصدقائه.

في واقع الأمر، يمكن للمشهد أن يتحطم تماماً حين يعجز النادل عن إحضار كوب ماء يرطّب حلق الضيف الذي ألهبته حرارة البحر الميت.. ولعل أحداً لم يخبر النادل المسكين أنني أردت المشهد كله لا جزءاً منه، وأنني أردت أن أكون حاضرة بتجربتي في قلب ذلك المشهد.

ولأن الحكم من حادثة واحدة ضرب من الظلم، لبست ابتسامة عريضة، وتوجهت صباح اليوم التالي إلى مصفف الشعر في المنتجع الشهير.. كانت رائحة الصابون والزيوت تفوح في أرجاء المكان، ووعدت نفسي بعودة قريبة دون مؤتمر اقتصادي عالمي في رحلة استجمام فقط.

كان المصفف ودوداً، عمل بجهد لتبديد أمارات القلق على وجهي، وأنا غارقة في أوراقي أحسب الزمن الذي يفصلني عن بدء جلستي في المنتدى.

بطرف عيني، لمحته وصعقت!!.. بين تسريحة وأخرى كان يضع المشط في فمه، كي يستخدم يديه الاثنتين في فرز خصل الشعر. أحسست أن أحداً ما يدفعني بعنف إلى الزاوية ويحاصرني هناك.. لطفه منعني من إحراجه.. وحاجتي الآنية لخدمته منعتني من المغادرة. دفنت عيني في أوراقي، وجعلت أكرر في داخلي «أول وآخر مرة!».

غادرت وأنا أفكر في حفل الإفطار الذي حضرته في الصبيحة الباكرة. بدأ سيريل فابر الشريك في Bain & Company محاضرته بسؤال الحاضرين عمّا إذا كانوا يتوقعون أن يختبروا في متجر «أبل» المزمع افتتاحه في دبي، التجربة نفسها التي عاشوها في متاجر «أبل» في الغرب؟ منسوب التفاؤل كان ضعيفاً.

أكد فابر أن نظاماً بسيطاً على غرار الـ Net Promoter Score يحدث فرقاً هائلاً في أداء الشركات؛ نظام يرتكز على «درجة» يعطيها الزبون لمزود الخدمة، حين يسأله الأخير عن مدى رغبته في تقديم توصية به لأصدقائه.

تعتبر النظرية كل من يمنح درجتي 9 أو 10 من 10 مروجاً خالصاً للشركة، وكل من يمنحها ست درجات من 10 أو أقل مروجاً ضدها. نتيجة طرح عدد الأعداء من عدد الأصدقاء يفضي إلى درجة الـ NPS.

فكيف ترفع عدد مناصريك؟ تسألهم ثلاثة أسئلة لا رابع لها كلما أتوك: ضعوا لخدمتي درجة، ثم قولوا لي السبب، وأخيراً اسمحوا لي بالاتصال بكم للاستفسار لاحقاً، ثم تدرس درجاتك كل يوم لتتعلم منها، وتبني أنت وقواك العاملة على ما تعلمتموه.

بحثت في أرجاء المنتجع كافة عن ورقة عليها أسئلة ثلاثة فلم أجدها. ومن دون تلك الورقة لن يكتمل المشهد السحري أبداً.

twitter@zeina_soufan

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها . 

تويتر