مزاح.. ورماح

«زكية الزكية.. !»

عبدالله الشويخ

هل تتذكر لعبة الأهرام؟ أعتقد أن اسمها الرسمي كان «وادي الملوك ــ king’s valley» كان عليك أن تجعل اللاعب الذي يرتدي شورتاً وتلك الطاقية الخاصة بالمستكشفين الإنجليز ينقب في الهرم للبحث عن الكنز، دون أن يسمح للأشباح بلمسه، أنت تعرف مدى صعوبة التخلص من المراحل في أيام ما قبل اكتشاف أو اختراع خاصية التخزين في الألعاب، الخسارة تعني إعادة اللعبة من الصفر، من المرحلة الأولى.

كانت شقيقتي تلعب باللعبة، وأنا طفل بريء رأيت على الجهاز زراً لطيفاً أسود، عليه كلمة Reset وقمت بضغطه وهي تلعب في المرحلة قبل الأخيرة، لا أريد هنا أن أدخل في تفاصيل عائلية موجعة، لكن طبيبي الألماني يقول لي إنني في فترة قريبة سأتوقف عن المشي والصراخ أثناء النوم! ما علينا.

صديقي المطوع غالباً ما يرسل إليّ رسائل تذكرني بأن حياتي بين ورقتين شهادة ميلاد وشهادة وفاة، أشاغبه بإرسال رد بأنني حالياً في طابور إنهاء معاملة حكومية، وهو أسوأ وقت لتذكيري بمشاوير الأوراق، في مرحلة ما فعلاً أصبحت حياتنا عبارة عن مشوار واحد طويل لإنهاء المعاملات، بطاقة صحة، تأمين، تجديد سيارة، فتح حساب، إغلاق شركة، الخروج من محفظة، إصدار جواز، سحب، إضافة، إضافة مولود، تسجيل ابن في مدرسة، تعهد بحسن سلوك ابن في مدرسة، إضافة زوجة، هذه الأخيرة صراحة لم أجربها بعد! بغض النظر عن كل الشائعات التي تسمعونها، ولكنك لو حسبت العمر الذي مر بين ورقتي صديقي المطوع في إنهاء المعاملات والوقوف في الطوابير فصدقني ستصاب بالرعب!

والشيء بالشيء يُذكر، فقد كانت التوجيهات بتحويل المعاملات الحكومية إلى ذكية ليست فقط لأغراض تدليل المتعاملين، بل هي حقيقة لإعادة شيء من الإنسانية للإنسان الذي أصبح آلة تخليص وطوابير وبحث عن مواقف، بالطبع أصدقائي الهوامير الذين لديهم من يقوم بالـ«ديرتي وورك» من أجلهم، لا يفهمون معاناة التخلص من البيروقراطية، ولن يفهموا ابتسامة التشفي لدى الموظف الذي يقول لك: المعاملة مرفوضة، ما في اعتماد توقيع! فشكراً من القلب لكل العاملين على مشروع الحكومة الذكية، شكراً على حفظ بقية البشرية فينا!

المشكلة البسيطة المتبقية هي أنني كلما أردت أن أُنهي معاملة عبر الهاتف أتذكر لعبة الأهرام، أحس بأنني في لحظة ما سأضغط على زر يسبب لي عقداً إضافية، اضغط الأزرار بحنية خوفاً من أن يكون بينها زر أسود صغير يحمل كلمة reset تخرج معه كل مخاوف الطفولة، الحكومة «مشكورة طال عمرها» قامت بواجبها وبنسبة 96.3%، أي أن لها الحق في أن تصبح دكتورة، والمتبقي هو أن تسهل لنا الدوائر التعامل بلا خوف مع أنظمتها، هل أضع Mr. أمام اسمي، أو إن هذا نوع من «التخقق»؟! إذا كنت أقوم بمعاملة لامرأة كبيرة هل هي Ms أم Mrs ما الفرق بينهما أصلاً؟ لماذا نقول occupation ما نقول job؟ مازلت أخشى وضع رقم البطاقة، وأحس بأن أحدهم سيسرقني! من يطمئننا؟ نحتاج إلى من يساعدنا على التحول إلى مستخدمين أذكياء، لأن الصورة ناقصة حين تكون الحكومة ذكية والمستخدمون أغبياء!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر