كل يوم

بالرفاه والبنين!

سامي الريامي

«بالرفاه والبنين» جملة تتردد على مسامع كل زوجين جديدين في حفلات الزفاف، طبعاً إذا كان هذا الزواج طبيعياً، بمعنى عريس ذكر وعروسٌ أنثى، لكن ماذا يمكن أن يُقال عند «زواج» الذكر بذكرٍ مثله، هل ينفع هنا «الرفاه» وهل تنفع في حالتهما كلمة «بنين»؟!

عموماً مثل هذا الموقف لا تكمن بشاعته وقبحه في اختيار الكلمات فقط، بل في القضية برمتها، فهل هذا حق بشري، وحرية شخصية، أم أنه اعتداء سافر على طبيعة البشر، وفيه انتهاك صارخ لمعنى الزواج والاستقرار الذي ينشده كل إنسان طبيعي؟!

أُدرك تماماً أن هناك جدلاً عالمياً حول زواج المثليين، وأدرك أن هناك من يؤيدونه، لكنهم أقلية، في حين أن أغلبية دول العالم ترفضه، وجميع الديانات تنبذه، وكثير من المجتمعات لا يتقبله.

أُدرك تماماً أن هناك جدلاً عالمياً حول زواج المثليين، وأُدرك أن هناك من يؤيدونه، لكنهم أقلية، في حين أن أغلبية دول العالم ترفضه، وجميع الديانات تنبذه، وكثير من المجتمعات لا يتقبله، وهو أمرٌ مكروه ليس فقط في الجانب الشرقي من العالم، وليس فقط عندنا كعرب ومسلمين، بل هناك الملايين من البشر يشاطروننا كراهية هذا الفعل، فهو مخالف للطبيعة البشرية قبل أي شيء!

المشكلة الأكبر عندما يتطور الأمر فيصل إلى مستويات سياسية عُليا، ففي أول زواج مثلي على هذا المستوى في الاتحاد الأوروبي، تزوج رئيس وزراء لوكسمبورغ، كزافيه بيتيل، بصديقه البلجيكي غوتيه دستيناي.

وبهذا الزواج يصبح كزافيه بيتيل أول مسؤول أوروبي يعقد زواجاً مثلياً، وعقدت الزواج رئيسة بلدية مدينة لوكسمبورغ، ليدي بولفر، بحضور رئيس وزراء بلجيكا الليبرالي، شارل ميشال، الذي قال إن «لوكسمبورغ تقدم صورة لبلد متقدم في القضايا الاجتماعية.. هذه رسالة يتم إرسالها في حين نشهد عداء للمثليين في أوروبا»!

الغريب في الأمر أن أغلبية سكان لوكسمبورغ (95%) هم من الروم الكاثوليك، إضافة إلى أقليات، منها البروتستانتية الإنجيلية، واليهودية والإسلام، وجميعهم يستهجنون ويُحرمون هذا الفعل، بل إن شعبها ظل متمسكاً بعاداته المحافظة فترة طويلة، إلى أن انفتح على الثقافتين الفرنسية والألمانية، بحيث أصبحت الثقافة الفرنسية وما تحمله من قيم هي نهج حياة، علماً بأن الكنيسة الكاثوليكية تشاطر المسلمين معارضتهم الشديدة لانتشار ظاهرة الزواج المثلي باعتبارها فاحشة ومعصية كبيرة!

أما نتيجة الانفتاح على الثقافات الأخرى للدول المجاورة، وتزايد أعداد المهاجرين للوكسمبورغ، فكانت كالتالي: تدني معدلات الزواج بحدة خلال السنوات الأخيرة، حيث ثلث النساء والرجال الذين يعيشون مع بعضهم بعضاً لا تربط بينهم علاقة زواج، وسُبع الأطفال المولودين لا ينتمون لنساء متزوجات، وثلث الزيجات ينتهي بالطلاق، وكل هذه الممارسات كانت نادرة جداً في الجيل السابق!

أعتقد أن الأيام المقبلة ستكون صعبة على لوكسمبورغ، فعلاقاتها الخارجية مهددة بالتراجع، فلا أعتقد أن رئيس وزرائها و«زوجه» سيكونان محط ترحيب لدى كثير من دول العالم، ولا أعتقد أن شكلهما سيكون مقبولاً في كثير من بروتوكولات دول العالم، كما أن من الصعب جداً أن يجد رؤساء وزارات في جميع قارات العالم يقبلون بمصافحته أو الجلوس معه، فالأمر ليس مجالاً للتصرف من باب الحرية الشخصية، وأعتقد أنه سيواجه باحتقار واشمئزاز أينما ذهب، ليضطر في النهاية إلى أن يتنازل عن منصبه أو عن «زوجه»!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر