5 دقائق

فلنقل خيراً.. أو لنصمت

خالد الكمدة

محزن هو غروب نضارة الورود، مهما طال عمرها، فكيف إذا ذبلت في طور تفتحها؟! بحجم الفرح الذي يغمرك وأنت تنتظر أن ترى بتلتها الأولى، يغزوك شجن لا تقاومه وأنت ترى نهاية سريعة غير محسوبة لأيامها، وتبدداً لأحلامك وكثير غبطتك وأنت تراقبها منذ ولدت برعماً صغيراً.. تحزن، تتفكر، ثم تُسلم، لأن لكل شيء في هذه الحياة نهاية، ولأننا لا نملك تغيير الكثير من النهايات، ونتصالح في آخر المطاف معها.

كثيرون يرددون في معرض النصيحة «إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، دون أن يدرك جلنّا أن جدوى تطبيق هذه النصيحة مقيد بفهم واقتناع والتزام كل من هو معني.

كذلك نشعر عند كل قصة طلاق مبكر، وما أكثرها في أيامنا، وتؤلمنا تبعاتها وآثارها، وترى كثيرين يرددون في معرض النصيحة «إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، دون أن يدرك جلنّا أن جدوى تطبيق هذه النصيحة مقيد بفهم واقتناع والتزام كل من هو معني، واحترام وعفة من هم غير معنيين ولا مشمولين عن كل ما هو آسن من القول والفعل.

إذا ما فاقت مناقب أحدهم في ميزان الرجولة مثالبه، وعزم على أن يستجمع كل ما حصد من حكمة ووقار للمضي في أصعب اختيار، إذا ما لملم حزنه بدل أن يجر أذيال الخيبة، إذا ما تمزق حبل الود وشرخت اللوحة الجميلة التي رسمها لمستقبلهما معاً، إذا ما عصم كرامته ونأى برجولته عن القيل والقال وعن ما لا يجدي من سجال، احترم ذكرياتهما ورغبتها واتخذ القرار، منحها حريتها بعد أن ضاقت نفسها بالتزامات الرابط المقدس، إذا ما هاب وطأة ما أرادته، وقرر أن يُحسّنها ما استطاع بطلاق حضاري، لا يسيء لأي منهما، ولا يخون الذكريات، إذا ما أوى إلى التسريح بإحسان، فلماذا يحارب في إحسانه؟

لماذا يصبح حديث المجالس والمقاهي وأوكار التواصل الاجتماعي، من نأى بنفسه عن الإيذاء والتجريح؟ لماذا يصبح هدفاً لسهامك المسمومة وقضية للتحليل والنقاش من لا يؤلمك ألمه ولا يسعدك فرحه؟ بعد أن صهرت الأزمة عند درجات الألم والغضب والحزن العليا القلوب، وتمايزت المعادن النفسية والشوائب، واتضح نقاء نفوس وتكدر أخرى، لماذا يصبح من اختار الإحسان مرمى لكل من حملت يده حجراً؟ إذا ما انسكبت على أرض الواقع مفردات المودة، وشربتها رمال المجتمع العطشى، ولم يعد هناك مجال للعودة إلى الوراء، وصار الأهل الطوق الوحيد لنجاة الرجل من الغرق في حزنه، لماذا تسعى بكلام غير مسؤول لثقب طوق النجاة؟

ليست بطولة إعمال الشائعات والعبارات في جسد الورود الذابلة، أفلا نسخّرها لنبرئه؟ ليس نبلاً أن نتحدث بما نعلم وبما لا نعلم، أفلا نسعى إلى قول ما فيه خير.. أو لنصمت؟

 KhaledAlKamda@

/http://thespiritofone.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر