5 دقائق

التوكل على الله

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

يُعرَّف التوكل بأنه الثقة بما عند الله تعالى واليأس عما في أيدي الناس، ويُقال هو: الاعتصام بالله تعالى في كل حال، ونتيجته أن من توكل عليه كفاه، كما قال سبحانه {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي كافيه، وكم حدثنا القرآن الكريم عن التوكل أمراً به وحضاً عليه؟! كقوله سبحانه: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، وقوله {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وذلك لشدة حاجة المؤمن إليه، فهو من لوازم الإيمان؛ حيث ربط به ربط الشرط بالمشروط في تسع آيات من الكتاب العزيز، ليشعر المؤمن بعلاقته بربه حيث لا ينساه اغتراراً بحاله أو اعتماداً على غيره، فيكون قد أخل بشرط الإيمان. ومحله القلب، والحركة بالظاهر لا تنافي التوكل بالقلب إذا علم العبد أن التقدير من قِبل الله تعالى وإن تعسر شيء فبتقديره وإن اتفق شيء فبتيسيره.

يستدل عَلَى تقوى الرجل بثلاث: حسن التوكل فيما لم ينل، وحسن الرضا فيما قد نال، وحسن الصبر على مَا قد فات.

وقد روى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له، فقال: يا رسول الله أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال: «اعقلها وتوكل»، يعني خذ بالأسباب وثق بأن الله تعالى سيحقق المسبَّب، كما قال سهل بن عبدالله التَّستري: التوكل حال النبي صلى الله عليه وسلم، والكسب سنته، فمن بقى على حاله فلا يتركن سنته. وقد بينت سنته صلى الله عليه وسلم أن الأخذ بالأسباب من لوازم التوكل كما روى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو توكلون على الله حق توكله، لرزقكم الله كما يرزق الطير، تغدو خِماصاً، وتعود بطاناً».

لذلك قال بعضهم: من طعن في الحركة فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان، ولعظيم منزلة التوكل فإن كل الناس يدعيه، إلا أن الكثير يخطئ حقيقته، فإنهم يتوكلون ويريدون النتائج ولا يرضون بالقضاء، لذلك سئل بعض العارفين: متى يكون الرجل متوكلاً؟ فقال: إذا رضي بالله تعالى وكيلاً. وهو يشير إلى أن العبد إذا لم يرض بذلك فهو يكذب على الله تعالى، لو توكل على الله تعالى لرضي بما يفعل الله تعالى به.

وقالوا: يستدل عَلَى تقوى الرجل بثلاث: حسن التوكل فيما لم ينل، وحسن الرضا فيما قد نال، وحسن الصبر على مَا قد فات.

هذا هو التوكل الذي يحتاجه المؤمن في كل حال وهو في حال صحته ومرضه وغناه وفقره وعسره ويسره سواء. فاللهم حققنا به واجعلنا من أهله.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر