مزاح.. ورماح

«اعرف عدوك..!» ما أشبه اليوم بالبارحة!

عبدالله الشويخ

تتغير الوجوه ويتغير العالم.. تتغير الخرائط بل ويتغير رأس الثعبان نفسه! لكن إن العصا من العصية لا تلد الحية إلا الحية.. تبقى هناك الألاعيب السياسية القذرة ذاتها.. ويبقى هناك النفاق الدولي ذاته.. يدٌ تحاور فوق الطاولة، ويدٌ أخرى تتفق تحت الطاولة.. ويدٌ لا تنتبه إليها غالباً تغتالك من الخلف!

لمن زار جنوب إفريقيا، وسمع من أهلها قصصاً عجيبة لا يُصدق أنها حدثت قبل أقل من 30 عاماً.. يقول لي أحد الأصدقاء من هناك إن النظام العنصري وصل إلى مرحلة وضع مشط في شعر الطفل المشكوك في عرقه، أو الذي تكون ألوانه خليطة وغير واضحة قبل دخوله المدرسة.. ثم يرون إذا تحرك المشط في الشعر بسرعة كبيرة فهذا يعني أنه من البيض، وإذا مشى المشط بسرعة متوسطة فهو من الملونين، أما إذا «فرمل» المشط ولم يتحرك، فهو من الزنوج، وهكذا يُفصل إلى أي مدرسة سينتمي.. رسالة إلى أصدقائي المهووسين بالحضارة الغربية، وأهمية حمايتها من همجية المسلمين!

المهم أن العالم قرر في تلك السنوات أن يفعل شيئاً تجاه هذه الحكومة العنصرية البغيضة واتفق على مقاطعتها.. وهنا ظهر في مقدمة المهاجمين للنظام العنصري قداسة شاه إيران، الذي كان يُسجد له في شوارع طهران.. كما يُسجد لغيره الآن! وقررت إيران عبر شقيقة الشاه الأميرة «أشرف» (بنت وأشرف!) وتلومون البويات.. قررت إيران مقاطعة بريتوريا، بل وحشدت إيران العالم في مؤتمر عقد في طهران للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وحملات ضخمة عبر وسائل الإعلام للعالم كله عن عداء الدولة العظيمة للمارقين في جنوب إفريقيا، ووجوب حربهم حرباً مقدسة.. ربما لم يسعف الوقت الآنسة «أشرف» لوصف جنوب إفريقيا بالشيطان الأكبر!

ثم ماذا؟

بعد أيام قليلة، وفي زيارة سرية لشخصية يبدو أنها مستقلة، أرسلت إيران رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية إلى جنوب إفريقيا.. وعرض سعادته على النظام العنصري هناك أن تساعده إيران بكسر عزلته، عبر بيعه نفطها المهرب بأسعار مناسبة.. كانت إيران تبحث عن طرق بديلة لضمان تدفق نفطها في حال قرر العرب لسبب ما القيام بأمر.. لم يقوموا به حتى تاريخ كتابة هذه المقالة!

أتخيل الصدمة الامتنانية على وجوه المسؤولين العنصريين في جنوب إفريقيا، وأتخيل الصدمة على وجوهنا إذا اكتشفنا ذات يوم أن ما كان فوق الطاولة كان ما يوازيه تحتها.. لكن الفرق أنها ستكون نظرة بلاهة!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر